و عليه ليس أمامنا إلاّ إلتماس تعريف آخر يعم مختلف البحوث بمختلف مناهجها.
و أقرب تعريف إلى طبيعة معنى البحث أن يقال:
البحث: هو استخدام الوسائل العلمية من أفكار و أدوات وفق قواعد المنهج لمعرفة مجهول ما.
و يأتي-فيما بعده-مزيد توضيح له.
و في ضوء ما تقدم، فإن أصول البحث تعني قواعد البحث.
و علم أصول البحث يعني دراسة قواعد البحث.
و لما كانت قواعد البحث يطلق عليها المناهج، تكون دراستنا هنا لمناهج البحث.
تاريخ أصول البحث
يرتبط تاريخ المنهج بتاريخ التفكير، ذلك أن البحث يعني التفكير و المنهج يعني الطريقة، و كل تفكير-بدائيا كان أو غير بدائي، أصيلا أو غير أصيل-لا بد من اعتماده على طريقة تساعده في الوصول إلى النتيجة.
و من هذا نستطيع أن نقول: إن المنهج كان توأم التفكير في الولادة، فإذن هو قديم قدم التفكير.
و في ضوئه يأتي التأريخ لنشوء و تطور الفكر البشري تأريخا لنشوء و تطور المنهج.
و سأعرض هنا لما ألمح إليه علماء المنهج من مراحل تطورية مر بها الفكر الإنساني أولا، ثم أحاول المقارنة ثانيا بينها و بين ما أشار إليه القرآن الكريم و هو يؤرخ للظاهرة الدينية، و منها الفكر الديني، و ذلك لما لمسته من مفارقة وقع فيها بعض علماء المنهج المسلمين متأثرين بالجو الثقافي الغربي المعاصر الذي يلغي اعتبار الدين وحيا إلهيا-كما سنتبين هذا.
يذهب علماء المنهج متأثرين بما انتهى إليه علماء الإنسانيات من نتائج