أَنْ يَشْفَعَ فِي إسْقَاطِ حَدٍّ عَنْ زَانٍ وَلَا غَيْرِهِ ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمَشْفُوعِ إلَيْهِ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : * ( مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا ) * .وَفِي الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ : أَحَدُهَا الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ الْتِمَاسُ الْخَيْرِ لِمَنْ يَشْفَعُ لَهُ ، وَالشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ الْتِمَاسُ الشَّرِّ لَهُ ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ .وَالثَّانِي أَنَّ الْحَسَنَةَ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالسَّيِّئَةَ الدُّعَاءُ عَلَيْهِمْ .وَالثَّالِثُ : وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَنَّ الْحَسَنَةَ تَحْصِيلُهُ مِنْ الظُّلْمِ وَالسَّيِّئَةَ دَفْعُهُ عَنْ الْحَقِّ .وَفِي الْكِفْلِ تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا الْإِثْمُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ .وَالثَّانِي : أَنَّهُ النَّصِيبُ ، وَهُوَ قَوْلُ السُّدِّيِّ الْفَصْلُ الثَّانِي : فِي قَطْعِ السَّرِقَةِ كُلُّ مَالٍ مُحْرَزٍ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا إذَا سَرَقَهُ بَالِغٌ عَاقِلٌ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي الْمَالِ وَلَا فِي حِرْزِهِ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ مِفْصَلِ الْكُوعِ ، فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيَةً بَعْدَ قَطْعِهِ إمَّا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ بَعْدَ إحْرَازِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنْ مِفْصَلِ الْكَعْبِ ، فَإِنْ سَرَقَ ثَالِثَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يُقْطَعُ فِيهَا ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تُقْطَعُ فِي الثَّالِثَةِ يَدُهُ الْيُسْرَى ، وَفِي الرَّابِعَةِ رِجْلُهُ الْيُمْنَى وَإِنْ سَرَقَ خَامِسَةً عُزِّرَ وَلَمْ يُقْتَلْ ، وَإِنْ سَرَقَ مِرَارًا قَبْلَ الْقَطْعِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا قَطْعٌ وَاحِدٌ .وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَدْرِ النِّصَابِ الَّذِي تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا مِنْ غَالِبِ الدَّنَانِيرِ الْجَيِّدَةِ .وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ مُقَدَّرٌ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دِينَارٍ ، وَلَا يُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ .وَقَدَّرَهُ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ ، وَقَدَّرَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَقَدَّرَهُ مَالِكٌ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ ، قَالَ دَاوُد : يُقْطَعُ فِي الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَالِ الَّذِي تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ فِي كُلِّ مَالٍ حَرُمَ عَلَى سَارِقِهِ .وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يُقْطَعُ فِيمَا كَانَ أَصْلُهُ مُبَاحًا كَالصَّيْدِ وَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْطَعُ فِيهِ بَعْدَ تَمَلُّكِهِ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُقْطَعُ فِي الطَّعَامِ الرَّطْبِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْطَعُ فِيهِ .وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْمُصْحَفِ ، وَعِنْدَ