responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 194


مِنْ الْأَمْلَاكِ الْعَامَّةِ .
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا انْتَقَلَ إلَى بَيْتِ الْمَالِ مِنْ رِقَابِ الْأَمْوَالِ هَلْ يَصِيرُ وَقْفًا عَلَيْهِ بِنَفْسِ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا لِعُمُومِ مَصْرِفِهَا الَّذِي لَا يَخْتَصُّ بِجِهَةٍ ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا إقْطَاعُهَا .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَصِيرُ وَقْفًا حَتَّى يَقِفَهَا الْإِمَامُ ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا إذَا رَأَى بَيْعَهَا أَصْلَحَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَكُونُ ثَمَنُهَا مَصْرُوفًا فِي عُمُومِ الْمَصَالِحِ ، وَفِي ذَوِي الْحَاجَاتِ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ وَأَهْلِ الصَّدَقَاتِ ، وَأَمَّا إقْطَاعُهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ قِيلَ بِجَوَازِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ بَيْعُهَا وَصَرْفُ ثَمَنِهَا إلَى مَنْ يَرَاهُ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ وَأَرْبَابِ الْمَصَالِحِ جَازَ إقْطَاعُهَا لَهُ ، وَيَكُونُ تَمْلِيكُ رَقَبَتِهَا كَتَمْلِيكِ ثَمَنِهَا وَقِيلَ : إنَّ إقْطَاعَهَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ جَازَ بَيْعُهَا لِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ وَهَذَا الْإِقْطَاعُ صِلَةٌ وَالْأَثْمَانُ إذَا صَارَتْ نَاضَّةً لَهَا حُكْمٌ يُخَالِفُ فِي الْعَطَايَا حُكْمَ الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ فَافْتَرَقَا ؛ وَإِنْ كَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ضَعِيفًا ، وَهَذَا الْكَلَامُ فِي إقْطَاعِ التَّمْلِيكِ .
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا إقْطَاعُ الِاسْتِغْلَالِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ : عُشْرٌ ، وَخَرَاجٌ .
فَأَمَّا الْعُشْرُ : فَإِقْطَاعُهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ زَكَاةٌ لِأَصْنَافٍ يُعْتَبَرُ وَصْفُ اسْتِحْقَاقِهَا عِنْدَ دَفْعِهَا إلَيْهِمْ ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا وَقْتَ اسْتِحْقَاقِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِشُرُوطٍ يَجُوزُ أَنْ لَا تُوجَدَ فَلَا تَجِبُ ، فَإِنْ وَجَبَتْ وَكَانَ مُقْطِعُهَا وَقْتَ الدَّفْعِ مُسْتَحِقًّا كَانَتْ حَوَالَةً بِعُشْرٍ قَدْ وَجَبَ عَلَى رَبِّهِ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ صَحَّ وَجَازَ دَفْعُهُ إلَيْهِ وَلَا يَصِيرُ دَيْنًا لَهُ مُسْتَحَقًّا حَتَّى يَقْبِضَهُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ ، فَإِنْ مُنِعَ مِنْ الْعُشْرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَصْمًا فِيهِ وَكَانَ عَامِلُ الْعُشْرِ بِالْمُطَالَبَةِ أَحَقَّ .
وَأَمَّا الْخَرَاجُ : فَيَخْتَلِفُ حُكْمُ إقْطَاعِهِ بِاخْتِلَافِ حَالِ مُقْطِعِهِ ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْطِعَ مَالَ الْخَرَاجِ ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ فَيْءٌ لَا يَسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الصَّدَقَةِ كَمَا لَا يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ أَهْلُ الْفَيْءِ ، وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُ الْفَيْءِ فِي أَهْلِ الصَّدَقَةِ .
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ : أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَصَالِحِ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ رِزْقٌ مَفْرُوضٌ ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقْطَعَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يُعْطَاهُ مِنْ مَالِ الْخَرَاجِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَفْلِ أَهْلِ الْفَيْءِ لَا مِنْ فَرْضِهِ ، وَمَا يُعْطَى لَهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ صِلَاتِ الْمَصَالِحِ ، فَإِنْ جُعِلَ لَهُ مِنْ مَالِ الْخَرَاجِ شَيْءٌ أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الْحَوَالَةِ ، وَالتَّسَبُّبُ لَا حُكْمُ الْإِقْطَاعِ فَيُعْتَبَرُ فِي جَوَازِهِ شَرْطَانِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ بِمَالٍ مُقَدَّرٍ قَدْ وَجَدَ سَبَبَ اسْتِبَاحَتِهِ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مَالُ الْخَرَاجِ قَدْ حَلَّ وَوَجَبَ لِيَصِحَّ التَّسَبُّبُ عَلَيْهِ وَالْحَوَالَةُ بِهِ فَخَرَجَ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ عَنْ حُكْمِ الْإِقْطَاعِ .

نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست