وَالْحُكْمُ الثَّالِثُ تَحْرِيمُ صَيْدِهِ عَلَى الْمُحْرِمِينَ وَالْمُحِلِّينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ وَمَنْ طَرَأَ إلَيْهِ ، فَإِنْ أَصَابَ فِي صَيْدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ .فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ بِالْجَزَاءِ كَالْمُحْرِمِ ، وَهَكَذَا لَوْ رَمَى مِنْ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ فِي الْحَرَمِ .وَهَكَذَا لَوْ رَمَى مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ فِي الْحَرَمِ .وَلَا صَيْدَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ أُدْخِلَ الْحَرَمَ كَانَ حَلَالًا لَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَحَرَامًا عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَحْرُمُ قَتْلُ مَا كَانَ مُؤْذِيًا مِنْ السِّبَاعِ وَحَشَرَاتِ الْأَرْضِ .وَالْحُكْمُ الرَّابِعُ يَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرِهِ الَّذِي أَنْبَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَا يَحْرُمُ قَطْعُ مَا غَرَسَهُ الْآدَمِيُّونَ كَمَا لَا يَحْرُمُ فِيهِ ذَبْحُ الْأَنِيسِ مِنْ الْحَيَوَانِ ، وَلَا يَحْرُمُ رَعْيُ خَلَاهُ ، وَيَضْمَنُ مَا قَطَعَهُ مِنْ مَحْظُورِ شَجَرِهِ ، فَيَضْمَنُ الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ بِبَقَرَةٍ ، وَالشَّجَرَةَ الصَّغِيرَةَ بِشَاةٍ ، وَالْغُصْنَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسْقِطُهُ مِنْ ضَمَانِ أَصْلِهِ ، وَلَا يَكُونُ مَا اسْتَخْلَفَ بَعْدَ قَطْعِ الْأَصْلِ مُسْقِطًا لِضَمَانِ الْأَصْلِ .الْحُكْمُ الْخَامِسُ : أَنْ لَيْسَ لِجَمِيعِ مَنْ خَالَفَ دِينَ الْإِسْلَامِ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَنْ يَدْخُلَ الْحَرَمَ لَا مُقِيمًا فِيهِ وَلَا مَارًّا بِهِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ .وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ دُخُولَهُمْ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَسْتَوْطِنُوهُ ، وَفِي قَوْله تَعَالَى : * ( إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) * .نَصٌّ يَمْنَعُ مَا عَدَاهُ ، فَإِنْ دَخَلَهُ مُشْرِكٌ عُزِّرَ إنْ دَخَلَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ ، وَلَمْ يَسْتَبِحْ قَتْلَهُ ، وَإِنْ دَخَلَهُ بِإِذْنٍ لَمْ يُعَزَّرْ ، وَأُنْكِرَ عَلَى الْآذِنِ لَهُ ، وَعُزِّرَ إنْ اقْتَضَتْ حَالُهُ التَّعْزِيرَ وَأُخْرِجَ مِنْهُ الْمُشْرِكُ آمِنًا ، وَإِذَا أَرَادَ مُشْرِكٌ دُخُولَ الْحَرَمِ لِيُسْلِمَ فِيهِ مُنِعَ مِنْهُ حَتَّى يُسْلِمَ قَبْلَ دُخُولِهِ ، وَإِذَا مَاتَ مُشْرِكٌ فِي الْحَرَمِ حَرُمَ دَفْنُهُ فِيهِ وَدُفِنَ فِي الْحِلِّ ، فَإِنْ دُفِنَ فِي الْحَرَمِ نُقِلَ إلَى الْحِلِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلِيَ فَيُتْرَكُ فِيهِ كَمَا تُرِكَتْ أَمْوَاتُ الْجَاهِلِيَّةِ .وَأَمَّا سَائِرُ الْمَسَاجِدِ فَيَجُوزُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي دُخُولِهَا مَا لَمْ يُقْصَدْ بِالدُّخُولِ اسْتِبْذَالُهَا بِأَكْلٍ أَوْ نَوْمٍ فَيُمْنَعُوا .وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي دُخُولِهَا بِحَالٍ . ( فَصْلٌ ) وَأَمَّا الْحِجَازُ فَقَدْ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ : سُمِّيَ حِجَازًا لِأَنَّهُ حَجَزَ بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ ، وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ : سُمِّيَ حِجَازًا لِمَا احْتَجَزَ بِهِ مِنْ الْجِبَالِ .وَمَا سِوَى الْحَرَمِ مِنْهُ مَخْصُوصٌ مِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ بِأَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ :أَحَدُهَا أَنْ لَا يَسْتَوْطِنَهُ مُشْرِكٌ مِنْ ذِمِّيٍّ وَلَا مُعَاهَدٍ ، وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَقَدْ رَوَى