وتهدينا إليه الأدلة انّ من الواجب على المسلم الذي قبض الأسير ، أو على المجتمع الإسلامي والحكومة الإسلامية بل من أهمّ الواجبات هداية الأسير وإرشاده إلى اللَّه تعالى والى دينه وكتابه وحلاله وحرامه . وبالجملة من الواجب هو العمل الثقافي الإسلامي فإن من الواضح ان الهدف من الحرب هو الهداية ، وبثّ الدعوة وإخراج عباد اللَّه من الظلمات إلى النور ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتنوير أفكار البشر . إذ لو علم الناس واتضح لهم الحقّ ولاحت لهم الأنوار الإلهية لقبلوه واتبعوا داعي الحقّ قال عليه السلام : « لو علم الناس محاسن كلامنا لا تبعونا » . قال سبحانه وتعالى : « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رَحِيمٌ * وإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا الله مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ » [1] . أمر نبيّه صلَّى اللَّه عليه وآله بتنوير أفكارهم فقال : « قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ » أي في ملككم وقبضتكم من الأسرى : « إِنْ يَعْلَمِ الله
[1] سورة الأنفال : 70 - 71 . راجع الدرّ المنثور : ج 3 / 204 وتفسير القرطبي : ج 8 / 53 وابن كثير : ج 2 / 326 - 327 والميزان : ج 9 / 140 والمنار : ج 10 / 101 والكشاف : ج 2 / 238 والبداية والنهاية : ج 3 / 299 .