والآن - بعد أن حددنا مدلول الاقتصاد الإسلامي بالقدر الذي بييسر فهم الدراسات المقبلة - يجب أن نتحدث بشكل خاطف عن فصول الكتاب : فالكتاب يتناول في الفصل الأول : المذهب الماركسي ، ونظرا إلى أنه يملك رصيدا علميا يتمثل في المادية التأريخية ، فقد درسنا أولا هذا الرصيد الفكري ، ثم انتهينا من ذلك إلى نقد المذهب بصورة مباشرة ، وخرجنا من ذلك بنسف الأسس العلمية المزعومة التي يقوم عليها الكيان المذهبي للماركسية ، وأما الفصل الثاني : فقد خصص لدرس الرأسمالية ونقدها في أسسها ، وتحديد علاقتها بعلم الاقتصاد السياسي . وتبدأ دراسة الاقتصاد الإسلامي بصورة مباشرة من الفصل الثالث ، فنتحدث في هذا الفصل : عن مجموعة من الأفكار الأساسية لهذا الاقتصاد ، ثم ننتقل إلى التفاصيل في الأصول الأخرى ، لنشرح نظام التوزيع ونظام الإنتاج في الإسلام ، بما يشتمل عليه النظامان من تفاصيل عن تقسيم الثروات الطبيعة ، وتحديدات الملكية الخاصة ، ومبادئ التوازن والتكافل والضمان العام ، والسياسة المالية ، وصلاحيات الحكومة في الحياة الاقتصادية ، ودور عناصر الإنتاج : من العمل ورأس المال ووسائل الإنتاج ، وحق كل واحد منها في الثروة المنتجة ، وما إلى ذلك من الجوانب المختلفة ، التي تشترك بمجموعها في تقديم الصورة الكاملة المحددة عن الاقتصاد الإسلامي . . . * * * وأخيرا ، فقد بقيت عدة نقاط تتصل ببحوث الكتاب ، وخاصة الفصول الأخيرة التي تستعرض تفصيلات الاقتصاد الإسلامي ، يجب تسجليها منذ البدء . 1 - إن الآراء الإسلامية فيما يتصل بالجوانب الفقهية من الاقتصاد الإسلامي ، تعرض في هذا الكتاب عرضا مجردا عن أساليب الاستدلال وطرق البحث العلمي في الدراسات الفقهية الموسعة . وحين تسند تلك الآراء بمدارك إسلامية من آيات وروايات ، لا يقصد من ذلك الاستدلال على الحكم الشرعي بصورة علمية ، لأن البرهنة على الحكم بآية أو رواية لا يعني مجرد سردها ، وإنما يتطلب عمقا ودقة