نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 0 صفحه : 38
و لا سيما أنّه بحقله و المعاني مغروس في وعي الذهنية العربية و
الاسلامية، قابع في اللامفكر به داخلها، و كل نشاط مستجد لن يخرج عن أرضيتها و
بنائها. ففي هذه الذهنية و بها يتمثّل المعنى و ينطلق اللفظ معبّرا عمّا في
الافهام بعد هضمها في الأذهان، عندها يتم الاذتهان و نتمثّل العلوم العصرية خير
تمثّل و بأفضل استقلاب مماثلة لما يحدث في العضويات.
قيل في الكشاف: «هو معجم عظيم النفع للمصطلحات العلمية و الفنية، يغني
عن مراجعه آلاف من الصفحات و عشرات من الكتب. كفى تقديرا له أنّ علماء العرب تلقوه
بالقبول، و علماء الغرب عملوا على نشره» [1].
و ذكر أيضا: «و الكتاب لا يستغني عنه دارس لجوانب المعرفة التراثية،
و بخاصة في ميادين العلوم المختلفة كالطب و الفلسفة و الرياضيات و التصوف و الفقه
...» [2].
كما وصف أيضا بأنه: «ابتكار جديد في الكتب و الأدوات المساعدة في
التصنيف أكثر منه في التصنيف نفسه، إذ إنّ في تصنيف العلوم قد كتب من كتب ... و
لكن كثيرا من مشكلات التصنيف نجد حلا لها في هذا الكشاف. فالصياغات اللفظية لها
مدلولاتها في الذهن و الواقع» [3].
و لقد وضع العلماء المسلمون عددا من الموسوعات العلمية و المعاجم
الشاملة التي تعين الباحث على مبتغاه؛ مثل جامع العلوم الملقّب بدستور العلماء
لأحمدنكري، و مفاتيح العلوم للخوارزمي، و الكليات لأبي البقاء الكفوي، و التعريفات
للجرجاني و غيرها، و لعلّ أوسع هذه الكتب و أشملها كتاب الكشاف.
الباعث على تأليف الكشاف:
يقول التهانوي عن باعثه إلى انتهاض الجد و تشمير العزم و توكيد الحزم
و تنفيذه فيما حفزه إلى هذا العمل الشاق الواسع:
«إنّ أكثر ما يحتاج به في تحصيل العلوم المدوّنة و الفنون المروّجة
إلى الأساتذة هو اشتباه الاصطلاح، فان لكل علم اصطلاحا خاصا به، إذا لم يعلم بذلك
لا يتيسّر للشارع فيه الاهتداء إليه سبيلا، و لا إلى انقسامه دليلا. فطريق علمه
إما الرجوع إليهم
[1] أحمد، د. جميل، حركة التأليف باللغة العربية في الاقليم
الشمالي الهندي، ص 21 و 169.
[2] عطية، مع المكتبة العربية، دراسة في أمهات المصادر و المراجع
المتصلة بالتراث ص 70.