و محنة الآمدي، هذه، بحاجة الى فحص دقيق عن ظروفها، و أسبابها، و
تاريخها، و ما تركته من آثار في شخصية الآمدي و هو في سن الثمانين. و هذا الفحص
يتفرع الى ثلاث مسائل هي:
المسألة الاولى/ ان الاشرف هو صاحب القرار في عزل الآمدي، بعد أن
عاصره من سنة 626/ 1229 تاريخ دخوله دمشق، الى سنة 630/ 1232 بعد فتح آمد و
انتزاعها من المسعود ممدود الارتقي [35]. و بعد عودته الى دمشق، عزل الآمدي بقرار مفاجئ في السنة نفسها؛ و
ذلك من صفة التطرف في تدريس العلوم العقلية في حلقات درس الآمدي.
المسألة الثانية/ ان الكامل هو الذي دفع شقيقه الاشرف الى اتخاذ قرار
عزل الآمدي، خصوصا بعد ان تم فتح آمد [36]، فظهر للملكين الايوبيين ان الارتقي المخلوع عن عرشها قد سبق له أن
راسل الآمدي، فدعاه الى تولي منصب قاضي آمد؛ فاستنكر الكامل صمت الآمدي عن المراسلة،
«فرفعت يده عن المدرسة [العزيزية]، و تعطل، و اقام بمنزله شهورا قليلة و مات» [37].
المسألة الثالثة/ تشير المراجع الى محنة الآمدي على يد الكامل [38]، او الاشرف
[39]؛ و الصحيح انهما اشتركا معا في اتخاذ هذا الموقف، و نفذه الاشرف
بقرار منه باعتباره صاحب دمشق؛ بعد عودة الشقيقين من فتح آمد في سنة 630/ 1233؛
الى دمشق؛ و منها ذهب الكامل الى مصر. [40]