نام کتاب : رسالة في الأدوية القلبية نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 209
مقدمة في علم النفس
تساءل الانسان العاقل. منذ القدم، عن ماهية الحياة و عن سبب الموت،
فهداه خياله إلى تصور شيء ما يحل في جسد الجنين، داخل الرحم، دعاه بالروح أو
النفس.
و شعر الإنسان من خلال انفعالاته و احساساته ان النفس تسيطر على
الجسد، طالما كانت الحياة تدب فيه. و اعتقد أن النزع ليس سوى مفارقة الروح للجسد
ساعة الموت.
اهتم الفلاسفة و المفكرون، لدى جميع الشعوب القديمة، العريقة
بحضارتها، بأمر النفس، و أمر مصيرها بعد الموت. فاعتبرها بعضهم، كافلاطون، أزلية
خالدة، تحل في الأجساد، لكنها تبقى محوّمة في العالم العلوي، بعد الموت. و بعضهم
اعتبر النفس قصيرة الأجل فانية، تضمحل مع الجسد الذي كانت تحل به قبل الوفاة، كما
قال ارسطو.
و قد لعبت هاتان النظريتان دورا كبيرا في حياة الشعوب و عاداتها و
تقاليدها، و تشعبت منهما آراء و مذاهب مختلفة، لما تزل تسيطر على عقول البشر حتى
الآن.
يقول الدكتور ج. صليبا: «ان الصفة الرئيسية التي تمتاز بها فلسفة
سقراط و افلاطون، هي اهتمامهما بمعرفة مصير النفس. و للمباحث النفسية في فلسفة
ارسطو أثر عظيم، حتى ان كتابه في النفس [1] كان المرجع الأول للفلاسفة الذين طرقوا هذه المباحث من بعده» [2]. و يقول ارسطو في تعريف النفس:
«النفس هي أول مرتبة من مراتب الوجود، في الجسد الطبيعي، الذي توجد
فيه الحياة بالقوة». «و النفس غير منفصلة عن الجسد، و لا يمكن أن تفارقه (كما ظن
الفيثاغوريون)، فهي صورته و حقيقة وجوده»
[3].