فَالْجَاذِبَةُ [1] خُلِقَتْ لِتَجْذِبَ النَّافِعَ وَتَفْعَلُ ذَلِكَ بِلِيفِ الْعُضْوِ الَّذِى هِىَ فِيهِ الذَّاهِبِ عَلَى الاسْتِطَالَةِ.
وَ الْمَاسِكَةُ خُلِقَتْ لِتُمْسِكَ النَّافِعَ رَيْثَمَا تَتَصَرَّفُ فِيهِ الْقُوَى [2] الْمُغَيِّرَةُ لَهُ الْمُمْتَارَةُ [3] مِنْهُ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ بِلِيفٍ مُوَرَّبٍ [4] رُبَمَا أَعَانَهُ الْمُسْتَعْرِضُ.
وَ أمَّا الْهَاضِمَةُ فَهِىَ الَّتِى تُحِيلُ مَا جَذَبَتْهُ الْقُوَّةُ الْجَاذِبَةُ وَ أَمْسَكَتْهُ الْمَاسِكَةُ إلَى قِوَامٍ مُهَيَّإٍ لِفِعْلِ الْقُوَّةِ الْمُغَيِّرَةِ فِيهِ وَ إلَى مِزَاجٍ صَالِحٍ لِلاسْتِحَالَةِ إلَى الْغِذَائِيَّةِ بِالْفِعْلِ. هَذَا فِعْلُهَا فِى النَّافِعِ وَيُسَمَّى هَضْماً. وَ أمَّا فِعْلُهَا فِى الْفُضُولِ فَأَنْ تُحِيلَهَا إنْ أَمْكَنَ إلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ وَ يُسَمَّى أيْضاً هَضْماً، أَوْ يُسَهِّلَ سَبِيلَهَا إلَى الانْدِفَاعِ مِنَ الْعُضْوِ الْمُحْتَبَسِ فِيهِ بِدَفْعٍ مِنَ الدَّافِعَةِ بِتَرْقِيقِ قِوَامِهَا إنْ كَانَ الْمَانِعُ الْغِلَظَ، أَوْ تَغْلِيظِهِ إنْ كَانَ الْمَانِعُ الرِّقَّةَ، أوْ تَقْطِيعِهِ إنْ كَانَ الْمَانِعُ اللُّزُوجَةَ. وَهَذَا الْفِعْلُ يُسَمَّى الإِنْضَاجَ، وَ قَدْ يُقَالُ الْهَضْمُ وَ الإِنْضَاجُ عَلَى سَبِيلِ التَّرَادُفِ.
وَ أَمَّا الدَّافِعَةُ: فَإنَّهَا تَدْفَعُ الْفَضْلَ الْبَاقِىَ مِنَ الْغِذَاءِ الَّذِى لا يَصْلُحُ لِلاغْتِذَاءِ أوْ يَفْضُلُ عَنِ الْمِقْدَارِ الْكَافِى فِى الاغْتِذَاءِ أوْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ أَوْ يُفْرَغُ [5] عَنِ اسْتِعْمَالِهِ فِى الْجِهَةِ الْمُرَادَةِ مِثْلُ الْبَوْلِ. وَ هَذِهِ الْقُوَّةُ تَدْفَعُ هَذِهِ الفُضُولَ [6] مِنْ جِهَاتٍ وَ مَنَافِذَ مُعَدَّةٍ لَهَا. وَ أمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ مَنَافِذُ مُعَدَّةً فَإنَّهَا تَدْفَعُ مِنَ الْعُضْوِ الأَشْرَفِ إلَى الْعُضْوِ الأَخَسِّ وَ مِنَ الأَصْلَبِ إلَى الأَرْخَى. وَ إذَا كَانَتْ جِهَةُ الدَّفْعِ هِىَ جِهَةُ مَيْلِ مَادَّةِ الْفَضْلِ لَمْ تَصْرِفْهَا الْقُوَّةُ الدَّافِعَةُ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ مَا أَمْكَنَ.
[1] ط، ج: فالجاذبة. ب، آ: والجاذبة.
[2] ط، آ، ج: القوى. ب: القوة.
[3] ط، آ، ج: الممتارة. ب: الممتازة.
[4] ب:+ بهما.
[5] ط، ج: يفرغ. ب: يستفرغ.
[6] ط، ج:+ إمّا.