حَصَلَ فِى الدِّمَاغِ، وَتَجْعَلُهُ بِحَيْثُ يُعْطِى مَا يَفْشُو [1] فِيهِ الْحَيَاةَ وَ مَسْكَنُ هَذِهِ الْقُوَى وَ مَصْدَرُ فِعْلِهَا هُوَ الْقَلْبُ.
وَ أَمَّا الْحَكِيمُ الْفَاضِلُ «أَرَسْطُوطَالِيسُ» [2] فَيَرَى أنَّ مَبْدَأَ جَمِيعِ هَذِهِ الْقُوَى هُوَ الْقَلْبُ، إلَّا أنَّ لِظُهُورِ أَفْعَالِهَا الأوَّلِيَّةِ هَذِهِ الْمَبَادِى الْمَذْكُورَةَ، كَمَا أَنَّ مَبْدَأَ الْحِسِّ عِنْدَ الأَطِبَّاءِ هُوَ الدِّمَاغُ، ثُمَّ لِكُلِّ حَاسَّةٍ عُضْوٌ مُفْرَدٌ، مِنْهُ يَظْهَرُ فِعْلُهُ، ثُمَّ إذَا فُتِّشَ عَنِ الْوَاجِبِ وَ حُقِّقَ وُجِدَ الأَمْرُ عَلَى مَا يَرَاهُ [3]» أَرَسْطُو [4] طَالِيسُ» دُونَهُمْ. وَ تُوجَدُ أَقَاوِيلُهُمْ مُنْتَزَعَةً مِنْ مُقَدَّمَاتٍ مُقْنِعَةٍ غَيْرِ ضَرُورِيَّةٍ، إنَّمَا يَتَّبِعُونَ فِيهَا ظَاهِرَ الأُمُورِ.
لَكِنِ الطَّبِيبُ لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ طَبِيبٌ أنْ يَتَعَرَّفَ الْحَقَّ مِنْ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ، بَلْ ذَلِكَ عَلَى الْفَيْلَسُوفِ أوْ عَلَى الطَّبِيعِىِّ وَالطَّبِيبُ إذَا سُلِّمَ لَهُ أنَّ هَذِهِ الأَعْضَاءَ الْمَذْكُورَةَ مَبَادٍ مَا لِهَذِهِ الْقُوَى فَلا عَلَيْهِ فِيمَا يُحَاوِلُهُ مِنْ أَمْرِ الطِّبِّ، كَانَتْ هَذِهِ مُسْتَفَادَةً عَنْ مَبْدَإٍ قَبْلَهَا، أَوْ لَمْ تَكُنْ، لَكِنْ جَهْلُ ذَلِكَ مِمَّا لا يَرْخُصُ فِيهِ لِلْفَيْلَسُوفِ.
الْفَصْلُ الثَّانِى فِى الْقُوَى الطَّبِيعِيَّةِ الْمَخْدُومَةِ
وأمَّا الْقُوَى الطَّبِيعِيَّةُ، فَمِنْهَا خَادِمَةٌ، وَ مِنْهَا مَخْدُومَةٌ.
وَ الْمَخْدُومَةُ جِنْسَانِ: جِنْسٌ يَتَصَرَّفُ فِى الْغِذَاءِ لِبَقَاءِ الشَّخْصِ وَ يَنْقَسِمُ إلَى نَوْعَيْنِ: إلَى الْغَاذِيَةِ وَ النَّامِيَةِ.
وَ جِنْسٌ يَتَصَرَّفُ فِى الْغِذَاءِ لِبَقَاءِ النَّوْعِ وَ يَنْقَسِمُ إلَى نَوْعَيْنِ: إلَى الْمُوَلِّدَةِ وَ الْمُصَوِّرَةِ.
[1] ب، آ، ج: يفشو. ط: يفش.
[2] ط، آ، ج: عظيم الفلاسفة وهو ارسطاطاليس. ب: الحكيم الفاضل أرسطوطاليس.
[3] آ، ج: يراه. ب رآه. ط: أراه.
[4] ب، ج: أرسطو. ط، آ: أرسطا.