تَفَرَّعَتْ مِنْهُ شُعَبٌ وَأَتَتِ الْعَضَلَ الْحَنْجَرِيَّةَ الَّتِى رُؤُوسُهَا إلَى فَوْقُ الَّتِى تُشِيلُ الْحَنْجَرَةَ وَ غَضَارِيفَهَا، فَإذَا جَاوَزَتِ الْحَنْجَرَةَ صَعِدَ مِنْهَا شُعَبٌ تَأتِى الْعَضَلَ الْمُنْتَكِسَةَ [1] الَّتِى رُؤُوسُهَا إلَى أَسْفَلُ، وَ هِىَ الَّتِى لا بُدَّ مِنْهَا فِى إِطْبَاقِ الطِّرْجِهَالِىِ [2] وَ فَتْحِهِ، إذْ لا بُدَّ مِنْ جَذْبٍ إلَى أَسْفَلُ، وَ لِهَذَا يُسَمَّى الْعَصَبَ الرَّاجِعَ.
وَإنَّمَا أُنْزِلَ هَذَا مِنَ الدِّمَاغِ لأَنَّ النُّخَاعِيَّةَ لَوْ أُصْعِدَتْ لَصَعِدَتْ مُوَرَّبَةً غَيْرَ مُسْتَقِيمَةٍ مِنْ مَبْدَئِهَا فَلَمْ يَتَهَيَّأِ الْجَذْبُ بِهَا إلَى أَسْفَلُ عَلَى الإِحْكَامِ، وَ إنَّمَا خُلِقَتْ مِنَ السَّادِسِ لأَنَّ مَا فِيهِ مِنَ الأعْصَابِ اللَّيِّنَةِ وَ الْمَائِلَةِ إلَى اللِّينِ ما كَانَ مِنْهَا قَبْلَ السَّادِسِ فَقَدْ تَوَزَّعَ فِى [3] عَضَلِ الْوَجْهِ وَ الرَّأْسِ، وَ مَا فِيهِمَا، وَ السَّابِعُ لا يَنْزِلُ عَلَى الاسْتِقَامَةِ نُزُولَ السَّادِسِ بَلْ يَلْزَمُهُ تَوَرُّبٌ [4] لَا مَحَالَةَ.
وَ لَمَّا كَانَ قَدْ يَحْتَاجُ الصَّاعِدُ الرَّاجِعُ إلَى مُسْتَنَدٍ مُحْكَمٍ شَبِيهٍ بِالْبَكَرَةِ لِيُدُورَ عَلَيْهِ الصَّاعِدُ مَتَأَيِّداً بِهِ وَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِيماً وَضْعُهُ [5]، صُلْباً قَوِيّاً أَمْلَسَ مَوْضُوعاً بِالْقُرْبِ، فَلَمْ يَكُنْ كَالشِّرْيَانِ الْعَظِيمِ، وَ الصَّاعِدُ مِنْ هَذِهِ الشُّعَبِ ذَاتُ الْيَسَارِ يُصَادِفُ هَذَا الشِّرْيَانَ وَ هُوَ مُسْتَقِيمٌ غَلِيظٌ، فَيَنْعَطِفُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى تَوْثِيقٍ كَثِيرٍ.
وَأمَّا الصَّاعِدُ ذَاتُ الْيَمِينِ فَلَيْسَ يُجَاوِرُهُ [6] هَذَا الشِّرْيَانُ عَلَى صِفَتِهِ الأُولَى بَلْ يُجَاوِرُهُ [7] وَقَدْ عَرَضَتْ لَهُ دِقَّةٌ لِتَشَعُّبِ مَا تَشَعَّبَ [8] مِنْهُ وَفَاتَتْهُ الاسْتِقَامَةُ فِى الْوَضْعِ إذَا تَوَرَّبَ مَائِلًا إلَى الإبْطِ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَوْثِيقِهِ بِمَا يَسْتَنِدُ عَلَيْهِ بِأرْبِطَةٍ تَشُدُّ
[1] ط، آ: المنتكسة. ب: المتنكسة.
[2] ط، آ، ج: الطرجهالى. ب: الطرجهارى.
[3] ط، آ: على. ب، ج: فى.
[4] ط، آ: توريب. ب، ج: تورّب.
[5] ط، ج: وضعه مستقيماً. ب: مستقيماً وضعه.
[6] ب، آ، ج: يجاوره. ط: يجاوزه.
[7] ب، آ، ج: يجاوره. ط: يجاوزه.
[8] ب، ج: تشعب. ط، آ: يتشعب.