الجُمْلَةُ الْأُولَى فِى الْعِظَامِ وَ هِىَ ثَلاثُونَ فَصْلًا
الْفَصْلُ الأَوَّلُ كَلامٌ كُلِّىٌّ فِى الْعِظَامِ وَ الْمَفَاصِلِ
نَقُولُ: إنَّ مِنَ الْعِظَامِ مَا قِيَاسُهُ مِنَ الْبَدَنِ قِيَاسُ الأَسَاسِ وَعَلَيْهِ مَبْنَاهُ مِثْلُ فَقَارِ الصُّلْبِ فَإنَّهُ أَسَاسٌ لِلْبَدَنِ عَلَيْهِ يُبْنَى كَمَا تُبْنَى السَّفِينَةُ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّتِى تُنْصَبُ فِيهَا أَوَّلًا، [1] وَمِنْهَا قِيَاسُهُ مِنَ الْبَدَنِ قِيَاسُ الْمِجَنِّ وَالْوِقَايَةِ كَعَظْمِ الْيَافُوخِ، وَمِنْهَا مَا قِيَاسُهُ قِيَاسُ السِّلَاحِ الَّذِى يُدْفَعُ بِهِ الْمَصَادِمُ وَالْمُؤذِى مِثْلُ الْعِظَامِ الَّتِى تُدْعَى السَّنَاسِنَ وَهِىَ عَلَى فَقَارِ الظَّهْرِ كَالشَّوْكِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ حَشْوٌ بَيْنَ فُرَجِ الْمَفَاصِلِ مِثْلُ الْعِظَامِ السِّمْسِمَانِيَّةِ الَّتِى بَيْنَ السُّلامِيَّاتِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ لِلأجْسَامِ الْمُحْتَاجَةِ إلَى عِلَاقَةٍ كَالْعَظْمِ الشَّبِيهِ بِاللَّامِ لِعَضَلِ الْحَنْجَرَةِ وَاللِّسَانِ وَغَيْرِهِمَا. وَجُمْلَةُ الْعِظَامِ دِعَامَةٌ وَقِوَامٌ لِلْبَدَنِ، وَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الْعِظَامِ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلدِّعَامَةِ فَقَطْ وَلِلْوِقَايَةِ وَلا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِتَحْرِيكِ الأَعْضَاءِ فَإنَّهُ خُلِقَ مُصْمَتاً، وَإنْ كَانَتْ فِيهِ الْمَسَامُّ وَالْفُرَجُ الَّتِى لَا بُدَّ مِنْهَا وَمَا كَانَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهَا لأَجْلِ الْحَرَكَةِ أيْضاً فَقَدْ زِيدَ فِى مِقْدَارِ تَجْوِيفِهِ وَجُعِلَ تَجْوِيفُهُ فِى الْوَسَطِ وَاحِداً لِيَكُونَ جِرْمُهُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَى مَوَاقِفِ الْغِذَاءِ الْمُتَفَرِّقَةِ فَيَصِيرُ رَخْواً، بَلْ صُلِبَ جِرْمُهُ وَجُمِعَ. غِذَاؤُهُ وَهُوَ الْمُخُّ فِى حَشْوِهِ. فَفَائِدَةُ زِيَادَةِ التَّجْوِيفِ أنْ يَكُونَ أَخَفَّ، وَفَائِدَةُ تَوْحِيدِ التَّجْوِيفِ أنْ يَبْقَى جِرْمُهُ أَصْلَبَ، وَفَائِدَةُ صَلابَةِ جِرْمِهِ أنْ لا يَنْكَسِرَ عِنْدَ
[1] ط، ج:+ ثمّ يربط سائر الخشبة ثانياً.