قال الشيخ الرئيس رحمة اللّه عليه أما عظام الفك الأعلى ... إلى
قوله: و أما الأنف فمنافعه ظاهرة.
الشرح: السبب فى تكثير عظام الفك الأعلى أمور:
أحدها ليكون آمنا من سريان ما يعرض من الآفات بجزء [2] منه كما قلنا فى عظام القحف.
و ثانيها: أن بعض أجزائه يجب أن يكون رقيقا جدا متخلخلا كالعظام التى
تحت الأنف. و سبب ذلك أن فضول الدماغ كثيرة الانحدار إلى هناك فيجب أن يكون ذلك
الجزء دقيقا متخلخلا ليسهل [3] تحللها منه، و بعض أجزائه يجب أن يكون غليظا جدا صلبا كعظم الوجنة،
و سبب ذلك أن هذا العظم ترتكز فيه [4] الأضراس فيحتاج أن يكون شديد القوة لئلا تعرض له آفة بسبب كثرة
عملها و قوته. و لأن كبر أصولها يحوج إلى حفرة عظيمة لا يليق بمثلها عظم رقيق خاصة
و اندفاع فضول الدماغ إلى جهتها قليل جدا، فلا تضر بها زيادة الغلظ و الصلابة. و
إذا كان كذلك وجب أن تكون عظام هذا الفك كثيرة كما قلناه فى عظم الرأس.
و ثالثها: أن هذا العضو بحذاء [5] الدماغ، و هو بارد رطب، فتكون الفضول عنده كثيرة، و خصوصا الفضول
البخارية مما يتصعّد إلى الرأس، و ما يتولد فيه و ذلك يحوج إلى خلل يسهل تحللها
منه، فيجب أن تكون فيه المفاصل كثيرة لذلك و يلزم ذلك تكثير العظام. و السبب فى أن
عظام هذا الفك أكبر عددا من عظام الفك الأسفل أمور: