نام کتاب : شرح تشريح القانون نویسنده : ابن نفيس جلد : 1 صفحه : 402
أيضا أن يكون/ بذاته حارا و إلا لم يمنع الحار الآخر من زيادة تسخين
المعدة، فلا بد من أن يكون/ بذاته باردا، و لا يمكن أن يكون كذلك. و هو لا يقبل
التسخين بسرعة و إلا لكان يبرد المعدة بالملاقاة مع منعه لتسخين الحار الآخر الذى
ليس بملاق فلذلك لا بد للمعدة من جوهر حار شديد الحرارة يوضع أمامها و لا يلاقيها
و من جوهر آخر بارد يقبل أن يلاقيها و مع ذلك يقبل الحرارة من الحار الخارجى و من
غيره فيسخن المعدة باعتدال [1] فلذلك جعل قدام المعدة عضلات البطن و هى شديدة الحرارة لأنها كثيرة
اللحم و جعل خلف كل هذه العضلات جسم آخر بارد بذاته شديد القبول للتسخن بغيره و
ذلك هو الثرب فإن هذا الثرب فيه عروق كثيرة فهى تفيد حرارة يسيرة و جوهره شحمىّ
فهو بذاته بارد و لكنه بدهنيته و دسومته يقبل التسخن بغيره كثيرا فلذلك مجموعه و
إن كان بذاته قريبا من الاعتدال و إلى برد فإنه يقبل من الحرارة التى يستفيدها من
غيره و هو تسخن المعدة سخونة معتدلة لا تضرها فى جودة الحس و ذلك يعينها على
الهضم، و الذى يستفيد منه الشحم هذه الحرارة هى العضلات التى أمامه هذا هو السبب
التمام [2].
و أما السبب المادى لذلك فإن العضو الذى يلاقى المعدة هو لا محالة
بالقرب من مقعر الكبد فلذلك الدم الآتى إليه إنما يأتى فى العرق المسمّى بالباب
مارا «إلى ذلك العضو» [3]
فى شعب هذا العرق، و الدم الذى فى شعب هذا العرق إذا تصفّى عن الأجزاء الصفراوية [4] التى تخالطه، و ذلك باندفاع تلك
الأجزاء إلى المرارة و عن الأجزاء السوداوية التى تخالطه أيضا و ذلك باندافع تلك
السوداء إلى الطحال بقى الباقى من ذلك الدم مائيا كثير المائية جدا. و مثل هذا
الدم أكثر ما يتولد عنه الشحم أو السمين فإن تولد عن لحم فذلك اللحم لا بد من أن
يكون كثير المائية فيكون غدديا و لذلك فإن الأعضاء التى تغتذى من الدم الآتى [5] من هذا العرق منها ما هو شحم كالثرب و
منها ما هو لحم رخو كاللحم الذى يسمّى بانقراس.
و أما ظاهر المعدة فإنه و إن كان يأتيه الدم من هذا العرق فإن المعدة
بحرارتها تحلل منه المائية الكثيرة فلا جرم يكون ما يتولد منه من اللحم عليها
متينا. و لذلك هذا الجرم الذى يلاقى المعدة من قدامها لا بد من أن يكون جوهره كثير
المائية و لا يمكن أن يكون لحما رخوا رهلا لأن مثل هذا اللحم ليس فيه من الدسومة و
الدهنية ما يقبل لأجل ذلك الحرارة من غيره قبولا كثيرا كما فى الشحم و لذلك فإن
الشحم يشتعل كثيرا بالنار. و لا كذلك هذا اللحم الرخو و لذلك وجب أن يكون الملاقى
للمعدة لإدفائها جرما شحميّا لا لحما رخوا. و إنما لا يكون من جوهر السمين لأن
جوهر السمين ليس فيه من البرد ما يعدل من حرارة العروق فلذلك كان هذا الملاقى
للمعدة لإدفائها بتوسط قبوله الحرارة من غيره