قال الشيخ الرئيس رحمة اللّه عليه فنقول قوة الإبصار و مادة الروح
... إلى قوله: اوسطها جليدية و هى.
الشرح: لا شك أن الإبصار إما يكون بقوة باصرة و تلك القوة إنما تقوم
بروح تحملها و تسمى الروح الباصرة. و هذه القوة
[2] و هذه الروح هما من القوى و الأرواح النفسانية. فمبدؤهما لا محالة
الدماغ و إنما يتم الابصار بنفوذ تلك القوة، و هذه الروح من الدماغ إلى العينين أو
ما يقرب منهما، فإن هذه القوة لو بقيت فى الدماغ لكان ادراكها تخيلا لا إبصارا و
القوى و الأرواح إنما ينفذان من الدماغ إلى الأعضاء بتوسط العصب فلذلك لا بد للعين
من عصب تنفذ فيه القوة الباصرة و الروح الحاملة لها.
و قد بينا أن العين لا بد من أن تكون فى اعلى مقدم البدن فلذلك العصب
التى تأتى فيه القوة الباصرة و الروح الباصر لا بد من أن يكون هو الزوج الأول من
ازواج العصب الدماغى لأن هذه الزوج يتصل بالدماغ فى مقدمه، و من ورائه يتصل
بالأزواج الأخر. و هذا الزوج يسمى العصب النورى لأن فيه النور الذى به الإبصار.
و قد عرفت هذا الزوج و كيفية نفوذه، إلى العينين عند كلامنا فى تشريح
الأعصاب، و عرفت أن هذا الزوج مع أنه للحس فإن نفوذه إلى العينين ليس على
الاستقامة بل على تقاطع يسمّى التقاطع الصليبى و إن أكثر المقصود بذلك أن تكون
لهذه القوة الباصرة مكان تقف فيه مشترك بين العصبتين و ذلك هو التجويف المجتمع من
تجويفى كل فرد من هذا الزوج.
فقد عرفت أن هذا الزوج من خواصه أنه ذو تجويف ظاهر. و إنما خالف بذلك
ما فى الأعصاب لأن النافذ من الأعصاب المدركة إلى الدماغ فى باقى الأعصاب إنما هو
هيئة انفعال تلك الأعضاء و ذلك