أما تشريح العظام و المفاصل و نحوهما فيسهل فى الميت من أى سبب كان
موته. و أسهل ذلك إذا مضى على موته مدة فنى فيها ما عليه من اللحم و بقيت العظام
متصلة بالأربطة ظاهرة. فإن هذا لا يفتقر [2] فيه إلى عمل كبير [3] حتى يوقف على هيئة عظامه، و مفاصله.
و أما تشريح القلب و الشرايين، و الحجاب و الرئة، و نحو ذلك، يتوقف
على كيفية حركتها.
و هل حركة الشرايين مصاحبة لحركة القلب، أو مخالفة و كذلك حركة الرئة
مع حركة الحجاب.
و معلوم أنه إنما يوقف عليه فى تشريح الأحياء، و لكن يعسر ذلك بسبب
اضطراب الحى لتألمه [4].
و أما تشريح العروق الصغار التى فى الجلد، و ما يقرب منه فيعسر فى
الأحياء لما قلناه، و كذلك فى الموتى الذين ماتوا بمرض و نحوه. و خصوصا إذا كان من
الأمراض يلزمه قلة الدم و الرطوبات فتختفى تلك العروق، كما فى الاسهال و الدق و
النزف.
و أسهل تشريح هذه ما يكون فى ميت مات بالخنق، لأن الخنق يحرك الدم و
الروح إلى خارج فتمتلىء هذه العروق و تنتفخ. و يلزم أن يكون ذلك عقيب [5] الموت، لأن الزمان إذا طال جمد ما
يكون فى هذه العروق من الدم فيقل حجمه، و يلزم ذلك نقصان انتفاخ تلك العروق.
قال جالينوس: إن عادتى أن اخنق الذى أريد تشريحه بالماء كيلا يرتض أو
يتفسخ شىء من أجزاء العنق لو خنق بحبل و نحوه.