نام کتاب : شرح تشريح القانون نویسنده : ابن نفيس جلد : 1 صفحه : 25
البحث الثالث فى إثبات منافع الأعضاء
قد منع قوم من الأولين منافع الأعضاء، و قالو إنها لم تخلق لمنفعة
بعينها و أنها هى و غيرها إنما وجدت بالاتفاق، و ذلك لأن الفضاء عند هؤلاء فيه [1] أجزاء لحمية، و أجزاء عظمية، و أجزاء
أرضية، و أجزاء سماوية و غير ذلك. و إن هذه الأجزاء دائمة الحركة، فإذا اتفق منها
أجزاء اجتمعت فصارت مثلا أرضا أو سماء أو فرسا و نحو ذلك. فإن [2] صلح ذلك للبقاء بقى، فإن صلح مع ذلك
للنسل نسل، و استمر نوعه بالتوالد [3] و ما لم يصلح لذلك فنى و فسد.
و لا امتناع عند هؤلاء فى أن يوجد ما نصفه إنسان و نصفه سمكة أو بغل
و نحو ذلك، و ليس شىء من ذلك مقصودا بحكمة
[4] أو غرض و لعل فى ذلك الفضاء عوالم لا نهاية لها، و نباتات، و
حيوانات على هيئات غير معهودة عندنا.
و الحق أن هذا باطل، و أن اللّه تعالى، و إن كان [5] لا يفعل لغرض، فأفعاله لا تخلو عن
الحكم، و لو لا ذلك لكان هذا الوجود عبثا و هو محال، و تحقيق هذا إلى علم آخر.
و الذى ينبغى أن نقوله الآن: ان الخالق تعالى وحده [6] لعنايته بهذا
[7] العالم يعطى كل متكون ما هو له أفضل من الجوهر [8] و الكم و الكيف و غير ذلك. فأى شىء
من ذلك علم وجوده لعضو علم أن ذلك العضو لم يكن خلقه كذلك إلا و هو له أفضل، فإذا
عثر على منفعة تصلح لأن تكون غاية لخلقه كذلك ظن أنها هى الغاية، و إن كان يجوز أن
تكون خلقته لذلك [9]
لسبب آخر خفى عنا لا لما ظنناه [10] منفعة.