نام کتاب : شرح تشريح القانون نویسنده : ابن نفيس جلد : 1 صفحه : 18
البحث الأوّل فى اختلاف الحيوانات فى الأعضاء
إنك قد عرفت مما قلناه فى شرحنا للكتاب الأول من كتب «القانون»، و هو
المعروف بالكليات، ماهيات الأعضاء جملة و تفصيلا، و جواهرها و قد علمت أن الأعضاء
منها ما هى مفردة، و قد تشترك كلها و جزؤها فى الاسم و الحد. و ذلك كالعظم، و
الغضروف، و العصب، و نحو ذلك، و منها ما هى مؤلفة ليس يشارك جزؤها لكلها فى الاسم
و الحد كاليد و الرجل [فإن جزء اليد ليس بيد و كذلك جزء الرجل] اللهم إلا باشتراك
الاسم كاليد، فإنها يقال على ما يدخل فيه الأصابع و الساعد و العضد و الكتف و يقال
على ما يدخل [1] فيه الأصابع و الكف فقط إلى الرسغ.
و ذلك بالاشتراك اللفظى [2] لا بالاشتراك المعنوى كما سمّى
[3] جزء العظم و هو القطعة التى تعرض منه عظما، و القطعة من اللحم لحما،
و من العصب عصبا و نحو ذلك.
و الحيوانات تختلف فى الأعضاء اختلافا كبيرا، و ذلك لأن الأعضاء هى
آلات للنفس الحيوانية، و هذه الآلات تختلف لا محالة
[4] باختلاف هذه النفوس، إذ لكل نفس أعضاء تليق بها. كالأسد فإنه لما
كان اغتذاؤه من اللحم، و إنما يتمكن من ذلك بأن يكون قويا على الصيد [5]، و قهر غيره من الحيوان، ليتمكن من
أكله و إنما يمكن ذلك بأن يكون شجاعا، شهما، جريئا، مقداما، قويا على قهر غيره من
الحيوان.
و إنما يمكن ذلك بأن تكون أعضاؤه شديدة القوة. و إنما يمكن ذلك بأن
تكون عظامه [6] قوية، مستحكمة، مصمتة، خفية المفاصل،
حتى كأنها من عظم واحد. و لا كذلك كثير من الحيوانات، فإن بعضها ضعيف البطش، واهى
التركيب كالدود، و كثير من حيوان البحر، و أكثر الحيوانات مشتركة [7] فى أن كل واحد منها له عظام، و لحم، و
عصب، و أربطة، و نحو ذلك.