قال الشيخ الرئيس رحمة اللّه عليه الساعد مؤلف من عظمين ... إلى آخر
الفصل.
الشرح: إن الساعد، و هو ما بين العضد و الرسغ، يحتاج فيه إلى حركتين
إحداهما: انقباض اليد و انبساطها.
و الآخرى: التواؤها و انبطاحها.
و ليس يمكن أن تكون الحركتان بمفصل واحد ( [ «لاختلاف جهتهما»]) [2] فلا بد من مفصلين. و هذان المفصلان لا
يمكن أن يكونا فى عظم واحد و إلا افتقر أن يكون غليظا جدا، فيكون مثقلا لليد، و
ذلك معسر للحركة، فاحتيج أن يكون ذلك من عظمين، فلذلك كان الساعد مركّبا من عظمين:
أحدهما عظيم و هو الأسفل، و يسمى الزند، و الآخر صغير و هو الأعلى و يسمى الزند
الأعلى، و الأسفل [3] هو
[4] بالحقيقة المقدم للساعد، و أما الأعلى فإنما احتيج إليه ليتم مفصل
الالتواء و الانبطاح كما عرفته، و قد جعل الشيخ السبب فى أن الزند الأسفل أعظم هو
أنه حامل، و الحامل يجب أن يكون أعظم من المحمول.
و أقول: إن لذلك سببا آخر، و هو أن الحركة التى تحتاج فيها اليد إلى
قوة قوية إنما هى حركة الانبساط و الانقباض، إذ بهذه الحركة يتم جر الأثقال [5] و نحو ذلك، و إذا كان كذلك احتيج أن
يكون عظمها أقوى، و إنما يكون كذلك إذا كان أعظم و كل واحد من الزندين فإنه غليظ
فى طرفيه و دقيق فى وسطه لما قلناه فى العضد، و هو أن الطرف
[6] يحتاج فيه إلى زيادة الغلظ ليمكن حدوث المفاصل، و لتكثر [7] مواضع الربط، و لا كذلك الوسط، فيكون
على القدر الذى يحتاج إليه العظم من القوة.
و إذا كان كذلك فلا بد و أن يبقى بين الزندين عند وسطهما خلو تنفذ
فيه العروق و الأعصاب من جانب إلى مقابله. و أما طرفاها فمشدودان برباطات تشد أحد
العظمين بالآخر، و خلق الزند الأسفل