قال الشيخ الرئيس رحمة اللّه عليه و العضد مقعر إلى الأنسى محدب ...
إلى قوله: و أما طرف العضد السافل فإنه قد ركّب.
الشرح: هذا العظم هو أكبر عظام البدن بعد عظم
[2] الفخذ، و خلق مستديرا أى اسطوانيا ليكون أبعد عن قبول الآفات، و
لأنه ليس حصول زاوية فيه فى جهة أولى من غيرها. و له تجويف واحد [3] يحوى المخ فائدته ما ذكرناه فى كلامنا
الكلى فى العظام، و هذا التجويف كما أنه فى الوسط من طوله لأن هذا العظم يفقد
التجويف من الجانبين لتجمّع أجزائه من الجهتين فيشتد و يقوى، و أدق أجزائه أوسطه و
هو موضع التجويف. لأن الطرفين احتيج إلى زيادة على
[4] غلظهما ليمكن فيهما حدوث المفصلين اللذين لهما العظم، و لذلك جعل
وسطه شديد الصلابة ليتدارك بذلك ما توجبه الدقة و التجويف من الضعف. و أما طرفاه
فمتخلخلان للاكتفاء بقوتهما [5] فى الغلظ و ليسهل نفوذ الغذاء إلى عمق كل واحد
[6] منهما و إلى موضع المخ الذى فى تجويف الوسط. و لهذا [7] العظم تقعير إلى الجهة الأنسية، و
تحديب إلى الجهة الوحشية، و قد ذكر الشيخ لذلك ثلاث منافع:
إحداها: أن يكون تحديبه [8] مسكنا لما يوضع عليه من العضل و العصب و العروق. و معنى ذلك أن هذه
الأعضاء تكون كالمدفونة [9]
فى التقعير فلو كان مستقيما لكانت هذه الأعضاء تصير باردة ثابتة، فتكون معرضة
لوصول الآفات إليها.
و ثانيتها: أن يجود تأبط الإنسان لما يتأبطه. و معنى ذلك أن العضو
يكون حينئذ عند حمل الشىء تحت الإبط كالمشتمل على ذلك المحمول.
و ثالثتها: أن يجود إقبال إحدى اليدين على الأخرى، و معنى ذلك أن
تكون اليدان عند اشتمالهما على الشىء الكثير جدا كالمشتملتين عليه من كل جهة لأن
العضدين يكونان حينئذ كأنهما قوسا دائرة