نام کتاب : القصيدة المزدوجة نویسنده : ابن سينا جلد : 0 صفحه : 5
يوما الاذن لي في دخول دار كتبهم و مطالعتها و قراءة ما فيها من كتب
الطب، فأذن لي. فدخلت دارا ذات بيوت كثيرة، في كل بيت صناديق كتب منضدة بعضها على
بعض، في بيت منها كتب العربية و الشعر، و في آخر الفقه، و كذلك في كل بيت كتب علم
مفرد، فطالعت فهرست كتب الاوائل، و طلبت ما احتجت اليه منها، و رأيت من الكتب ما
لم يقع اسمه الى كثير من الناس قط، و ما كنت رأيته من قبل و لا رأيته أيضا من بعد.
فقرأت تلك الكتب، و ظفرت بفوائدها [1]، و عرفت مرتبة كل رجل في علمه، فلما بلغت ثمان عشرة سنة من عمري
فرغت من هذه العلوم كلها، و كنت اذ ذاك للعلم احفظ، و لكنه اليوم معي انضج، و الا
فالعلم واحد لم يتجدد لي بعده شيء.
و كان في جواري رجل يقال له أبو الحسين العروضي، فسألني أن أصنف له
كتابا جامعا في هذا العلم، فصنفت له (المجموع) و سميته به، و أتيت فيه على سائر
العلوم، سوى الرياضي، ولي اذ ذاك احدى و عشرون سنة من عمري.
و كان في جواري أيضا رجل يقال له أبو بكر البرقي، خوارزمي المولد
فقيه النفس متوحد في الفقه و التفسير و الزهد مائل الى هذه العلوم، فسألني شرح
الكتب له، فصنفت له كتاب (الحاصل و المحصول) في قريب من عشرين مجلدة، و صنفت له في
الاخلاق كتابا سميته كتاب (البر و الاثم)، و هذان الكتابان لا يوجدان الا عنده فلم
يعد يعرفهما أحد ينتسخ منهما.
ثم مات والدي، و تصرفت بي الاحوال، و تقلدت شيئا من أعمال السلطان، و
دعتني الضرورة [2] الى الارتحال عن (بخارى) و الانتقال
الى (كركانج)، و كان (أبو الحسين السهلي) المحب لهذه العلوم بها وزيرا. و قدمت الى
الامير بها و هو
[1] اتفق بعد ذلك احتراق تلك الخزانة فتفرد أبو علي بما حصل من
علومها، و كان يقال ان أبا علي توصل الى احراقها لينفرد بمعرفة ما حصله منها و
ينسبه الى نفسه.
[2] كان قبل ذلك يتصرف هو و والده في الاحوال و يتقلدان للسلطان
الاعمال، قال ابن خلكان «و لما اضطربت أمور الدولة السامانية خرج أبو علي من بخارى
الى (كركانج) و هي قصبة (خوارزم) و اختلف الى خوارزم شاه علي بن مأمون بن محمد
...»
نام کتاب : القصيدة المزدوجة نویسنده : ابن سينا جلد : 0 صفحه : 5