نقول: إنّ الأنفس [2] الإنسانية متفقة فى النوع و المعنى؛ فإن وجدت قبل البدن، فإما أن
تكون متكثرة الذوات [3]،
أو تكون ذاتا واحدة. و محال أن تكون متكثرة الذوات، و محال أن تكون ذاتا واحدة،
على ما تبيّن، فمحال أن تكون قد وجدت قبل البدن.
فنبدأ ببيان استحالة تكثرها بالعدد، فنقول:
إنّ مغايرة الأنفس- قبل الأبدان- بعضها لبعض، إمّا أن يكون من جهة
الماهية و الصورة، و إمّا أن يكون من جهة النسبة إلى العنصر؛ و المادة متكثرة
بالأمكنة التى تشتمل [4]
كلّ مادة على جهة، و الأزمنة التى تختص بكل واحد منها فى حدوثها [5] فى مادتها
[6]، و العلل القاسمة لمادتها [7]؛ و ليست متغايرة [8] بالماهية و الصورة، لأنّ صورتها واحدة. فإذن إنما تتغاير من جهة
قابل الماهية [9]، أو المنسوب إليه الماهية بالاختصاص،
و هو [10] البدن.
و أما قبل البدن، فالنفس مجرد ماهية فقط، فليس يمكن أن تغاير نفس
نفسا بالعدد.