responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا    جلد : 1  صفحه : 190

و مطاعا له، ثم حصل من العقل الثانى عقل و نفس و جسم: فالجسم هو فلك الثانى و هو فلك الثوابت و هو الكرسى بلسان الشرع، و تعلقت النفس الثانية بهذا الفلك.

و هكذا حصل من كلّ عقل و نفس و جسم، إلى أن ينتهى إلى العقل العاشر، ثم حصل منه العالم العنصرى. و العناصر أربعة: الماء و النار و الهواء و الأرض، و حصلت منها المواليد الثلاثة و هى المعادن و النبات و الحيوان و الإنسان الّذي هو أكمل الحيوانات، و هو بنفسه يشبه الملائكة، و يمكن أن يبقى بقاء السرمد إذا تشبه بها فى العلم و العمل، و يصير هو أيضا أخس من البهائم و السباع إذا اتصف بأخلاقها داخل الأرض و اتبع هواه و كان أمره فرطا. و أما إذا تنزه عن طرفى الإفراط و التفريط فى الأخلاق، و توسط بينهما فلم يكن شبقا و لا خامدا فى القوة الشهوانية بل يكون عفيفا، فإن العفة توسط الشهوة، و لا يكون أيضا متهورا و لا جبانا بل يكون شجاعا بحسب القوة الغضبية، فإن الشجاعة تتوسط بين التهور و الجبانة. و كذلك له حكمة فى المعيشة، و هى حسن التدبير فيما بينه و بين غيره، إما بحسب أهل منزله الخاص و هو يتم بين زوج و زوجه و والد و مولود و مالك و مملوك، و إما بحسب أهل المدينة فى المعاملات و فى السياسات إن كان له رتبة فى السياسة؛ و هذه الحكمة توسط فى تدبير نفسه و غيره دون الجربزة و البلاهة، و هذه الحكمة غير الحكمة التى هى العلم بالحقائق، فإن تلك الحكمة كلما كانت أشد إفراطا كان أحسن، و هذه الحكمة لا ينبغى أن تكون بالإفراط و إلا لكانت جربزة، و لا بالتفريط و إلا لكانت بلاهة.

و هذه الخصال الثلاث أعنى: العفة و الشجاعة و الحكمة، هى التى سميت «عدالة» فالعدالة هى مجموع هذه الثلاث، فمن اتصف بها و كان أيضا حكيما بالحكمة النظرية التى هى العلم بحقائق الأشياء، فقد صار كاملا فى العلم و العمل، و صار من جملة من قيل فى حقهم:

«وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ».

فإن قلت فهل يمكن أن تحد الحكمة النظرية تحديدا لا يمكن أن يكون أقل منه،

نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا    جلد : 1  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست