نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 183
الفصل الأوّل فى إثبات أن جوهر النفس مغاير لجوهر البدن
فنقول: المراد بالنفس ما يشير إليه كل أحد بقوله «أنا». و قد اختلف
أهل العلم فى أن المشار إليه بهذا اللفظ هو هذا البدن المشاهد المحسوس أو غيره.
أما الأول فقد ظن أكثر الناس و كثير من المتكلمين أن الإنسان هو هذا البدن، و كل
أحد فإنما يشير إليه بقوله «أنا»، فهذا ظن فاسد لما سنبينه. و القائلون بأنه غير
هذا البدن المحسوس اختلفوا: فمنهم من قال إنه غير جسم و لا جسمانى، بل هو جوهر
روحانى فاض على هذا القالب و أحياه، و اتخذه آلة فى اكتساب المعارف و العلوم، حتى
يستكمل جوهره بها، و يصير عارفا بربه، عالما بحقائق معلوماته، فيستعد بذلك للرجوع
إلى حضرته، و يصير ملكا من ملائكته فى سعادة لا نهاية لها؛ و هذا هو مذهب الحكماء
الإلهيين و العلماء الربانيين. و وافقهم فى ذلك جماعة من أرباب الرياضة و أصحاب
المكاشفة، فإنهم شاهدوا جواهر أنفسهم عند انسلاخهم عن أبدانهم و اتصالهم بالأنوار
الإلهية؛ و لنا فى صحة هذا المذهب من حيث البحث و النظر براهين.
البرهان الأول:
تأمل أيها العاقل فى أنك اليوم فى نفسك هو الّذي كان موجودا جميع
عمرك حتى إنك تتذكر كثيرا مما جرى من أحوالك، فأنت إذن ثابت مستمر لا شك فى ذلك، و
بدنك و أجزاؤه ليس ثابتا مستمرا، بل هو أبدا فى التحلل و الانتقاص. و لهذا يحتاج
الإنسان إلى الغذاء بدل ما تحلل من بدنه، فإن البدن حار رطب، و الحار إذا أثر فى
الرطب تحلل جوهر حتى فنى بكليته، كما لو يوقد عليه النار دائما فإنه ينحل إلى أن
لا يبقى منه شيء؛ و لهذا لو
نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 183