نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 166
الفصل السّابع فى تفصيل القول فى الحواس الباطنة
الحواس الظاهرة ليس شيء منها يجمع بين إدراك اللون و الرائحة و
اللين؛ و ربما لقينا جسما أصفر و أدركنا منه أنه عسل حلو طيب الرائحة سيّال، و لم
نذقه و لا شممناه و لا لمسناه.
فبيّن أنّ عندنا قوة اجتمعت فيها إدراكات الحواس الأربعة، و صارت
جملتها عند صورة واحدة. و لولاها لما عرفنا أن الحلاوة مثلا غير السواد، إذ المميز
بين شيئين هو الّذي عرفهما جميعا. و هذه القوة هى الموسومة بالحس المشترك و
بالمتصورة؛ و لو كانت من الحواس الظاهرة لاقتصر سلطانها على حال اليقظة فقط؛ و
المشاهدة تشهد بخلاف ذلك، فإن هذه القوة قد تفعل فعلها فى حالتى النوم و اليقظة
جميعا.
ثم فى الحيوان قوة تركب ما اجتمع فى الحس المشترك من الصور، و تفرق
بينها، و توقع الاختلاف فيها، من غير أن تزول الصور عن الحس المشترك. و لا محالة
أن هذه القوة غير القوة المصورة، إذ القوة المصورة ليس فيها إلا الصور الصادقة
المستفادة من الحس. و قد يمكن أن يكون الأمر فى هذه القوة على خلاف هذا، فتتصور
باطلا كذبا، و ما لم تأخذه على هيأته من الحس. و هذه القوة هى المسماة بالمتخيلة.
ثم فى الحيوان قوة تحكم على الشيء بأنه كذا أو ليس كذا بالجزم، و
بها يهرب الحيوان من المحذور، و يقصد المختار. و بيّن أن هذه القوة غير القوة
المتصورة، إذ القوة المتصورة تتصور الشمس على حسب ما أخذت من الحس على مقدار
قرصها، و الأمر فى هذه القوة بخلاف هذا. و كذلك السبع يلقى الصيد من بعيد على حجم
الطائر الصغير فلا يشكل عليه صورته و مقداره، بل يقصده. و بيّن أيضا أن هذه القوة
غير المتخيلة، و ذلك أن القوة
نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 166