نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 156
الفصل الرابع فى تفصيل القوى النباتية و ذكر الحاجة إلى كل واحدة
منها
الأجسام المتنفسة، أعنى ذوات النفوس، إذا اعتبرت من جهة قواها
النباتية، وجدت مشتركة فى التغذى، مفترقة فى النمو و التوليد: إذ من المتغذيات ما
لا ينمو، مثل: الجوهر الحى البالغ كمال النشوء و زمان الوقوف، أو المنحط عنه
بالذبول؛ و لكن كل نام متغذ. و إذ من المتغذيات ما لا يولد كالبزور التى لم تستحصد
بعد، و الحيوان الّذي لم يدرك؛ و لكن كل مولد فهو لا محالة قد تقدم عليه التغذية.
و حالة التوليد لا تعرى عن التغذية.
ثم نجدها بعد الاشتراك فى التغذى مشتركة فى النمو، مفترقة فى التولد،
إذ من الناميات ما لا يولد، مثل الحيوان الغير المدرك و الدود؛ و لكن كل مولد فقد
تقدم عليه النماء، و حالة التوليد لا تعرى عن الإنماء. فإذن القوى النباتية ثلاث:
أولها المغذية، و ثانيتها المنمية، و ثالثتها المولدة. و المغذية كالمبدإ، و
المولدة كالغاية، و المنمية كالواسطة الرابطة الغاية بالمبدإ.
و إنما اضطر الجسم المتنفس إلى القوى الثلاث، لأن الأمر الإلهي لما
ورد على الطبيعة بتكليفها تكوين الحى المركب من العناصر الأربعة لحكمة اقتضته، و
كانت الطبيعة بذاتها لا تقدر على إنشاء الجسم المتنفس دفعة واحدة بل بإنمائه قليلا
قليلا، و كان الجوهر المركب تركيبا حيوانيا قابلا للتحلل و السيلان بطباعه، و كان
المركب من الأضداد لا يحتمل البقاء المديد المقصود منه، احتاجت الطبيعة إلى قوة
تقدر بها على إنشاء الجسم الحى بالإنماء فرفدت من العناية الإلهية بالقوة المنمية؛
و إلى قوة تقدر بها على حفظ مقدار الجسم المتنفس عليه لسدّه ما يثلمه التحلل منه
فأمدت من العناية الإلهية بالغاذية؛ و إلى قوة تهيئ من الجسم الطبيعى الحى جزءا
تتبناه، حتى إذا حل الفساد بالجسم استخلف لنفسه بدلا ليتوصل بذلك إلى استبقاء
الأنواع، فأعينت من العناية الإلهية بالقوة المولدة.
نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 156