قد أوضحنا أنّ النفس [2] إنما حدثت و تكثّرت [3] مع تهيؤ الأبدان؛ على أنّ تهيؤ الأبدان يوجب
[4] أن يفيض [5]
وجود النفس لها [6] من العلل المفارقة لها، و ظهر من ذلك
أنّ [7] هذا يكون لا على سبيل الاتفاق و
البخت، حتى يكون ليس وجود النفس الحادثة لاستحقاق هذا المزاج نفسا مدبرة [8] حادثة، و لكن كان يوجد نفس و اتفق أن
يكون وجد معها [9] بدن، فحينئذ لا يكون للتكثر علة ذاتية
البتة، بل عرضية. و قد عرفنا أنّ العلل الذاتية
[10] هى أولا، ثم العرضية. فإذا [11] كان كذلك فكل بدن يستحق مع حدوث مزاجه حدوث نفس له، و ليس بدن
يستحقه [12] و بدن لا يستحقه، إذ أشخاص الأنواع لا
تختلف فى الأمور التى بها تتقوّم.
فإذا فرضنا أنّ نفسا تناسختها أبدان، و كلّ بدن فإنه بذاته يستحق
نفسا تحدث له، و تتعلق به، فيكون البدن [13] الواحد فيه [14] نفسان معا. ثم العلاقة بين النفس و البدن ليس هى [15] على سبيل الانطباع فيه- كما قلنا- بل
علاقة الاشتغال به حتى تشعر النفس بذلك البدن، و ينفعل