نام کتاب : شرح عيون الحكمة نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 17
عندهم محرمات فى الزواج. فلو فرضنا حالة مشابهة لأناس فى صحراء
منقطعة عن العمران كحالة بنى آدم فى الزمان الأول. أو لو فرضنا العقل يقول: أيهما
أولى بالانتفاع بهذه البنت؟ الأب الذي أنفق عليها و اعتنى بها، أم الأجنبى الذي لم
ينفق و لم يعتن؟ أو لو فرضنا من يقول: ان الناس من آدم الى زمان موسى بن عمران-
عليهما السلام- كانوا يحلون نكاح البنت. و لم يؤثر تحريمه الا على يد موسى و محمد-
عليهما السلام- و هكذا مكتوب فى التوراة. أو لو فرضنا من يقول للمسلمين: إن الامام
الشافعى قد أباح للرجل أن يتزوج ابنته من الزنا. و تولدها من مائة فى الزنا
كتولدها من مائة فى غير الزنا. فالمنى واحد و الأم واحدة و التربية واحدة. و ليس
من فرق الا فى التلفظ بألفاظ النكاح أمام ولى و شاهدين لا تشترط فيهما العدالة.
أنه لو فرضنا العقل جوز هذا و قال بهذا. فانه يجب على المسلمين جميعا تقديم نص
التشريع و العمل به، و اهمال العقل فى بيان الحكمة من التحريم أو من التحليل.
***
و قضية النص و العقل هى من القضايا التي بثها علماء أهل الكتاب فى
المسلمين، لينشغلوا بكتابهم عن كتبهم. فالنص عندهم مبدل و مغير.
و العقل يشهد بأنه مبدل و مغير. و هنا يظهر التناقض بين النص الذي
يزعمون بأنه لم يتبدل، و بين العقل الذي يشهد بأنه مبدل. و لهذا يقولون:
هل النص مقدم على العقل أم العقل مقدم على النص؟ و الدافع لهم الى
هذا القول: هو الآيات التي حكم العقل بأنها ليست من كلام اللّه و لا من وحيه. و
أخيرا قالوا: النص مقدم على العقل حتى لا يسفههم أحد بأدلة العقول. و هذه القضية
لا تصلح فى ديننا نحن المسلمين. لأن نص القرآن ننسه أحالنا الى العقل فى آيات
كثيرة منها «و تلك الأمثال نضربها للناس.
و ما يعقلها الا العالمون» (العنكبوت 43) و اللّه لا يحيل اليه الا
اذا كان نص القرآن نفسه سالما من المعارض العقلى. و نص القرآن منقول بالحفظ فى
الصدور، و بالكتابة فى الأوراق. و ليس كذلك الحال فى كتب أهل الكتاب. فاذا قلنا:
النص القرآنى و العقل. سليمان، و لا يكذب أحدهما
نام کتاب : شرح عيون الحكمة نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 17