نام کتاب : رسالة في ما تقرر عنده من الحكومة نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 98
وضع مّا. و هذا باطل.
و إنّما شعر ببطلان هذا الّصنف من البديهة الوهميّة بأن احضرت
مقدّمات بديهيّة فى العقل يسلّمها الوهم و لا شبهة فى تسليمها للعقل. ثمّ يؤلّف
قياسات منها. فينتج أنّ للمحسوسات مبادى غير محسوسة. فالى أن ينتهى إلى هذا الحدّ
لا يكون بين الوهم و بين العقل مباينة.
ثمّ إذا حكم العقل بأنّ ما ليس بمحسوس فليس له وضع و لا حيّز و لا
إليه إشارة عاد الوهم فعا ندفيه بعد التّسليم و أوجب أن يكون ما ليس بمحسوس
محسوسا. و التّناقض ممتنع الصّدق فى الطّرفين بمطابقة من العقل و الوهم. فتزيّف
بهذا بديهة الوهم و يظهر اختلافها. و خصوصا و حكم الوهم على ذاته ظاهر البطلان
لأنّه لا يحكم على ذاته أنّه أحد المحسوسات.
و كذلك على امور اخرى. مثل الفزع و الخوف و الشّجاعة و العلم و
المحبّة و البغض و أشباه ذلك فانّ الوهم إمّا أن لا يصدق بوجود هذه أو يحكم
ببديهته فيها أنّها محسوسات إمّا أجسام مكيّفة و إمّا كيفيّات ممّا يحسّ.
فالوهميّات المذكورة أقوى فى الّنفس من المشهورات المذكورة. و من حقّها أن يكون
أشهر من تلك. و ذلك لأنّ المشهورات المذكورة قد يمكن التّشكيك فيها إذا عمل ما
رسمته و لا يمكن فى هذه كما لا يمكن فى أنّ الكلّ أعظم من الجزء، و ليس يفطن
لبطلان ما هو فيها باطل بسبب تشكيك الّذهن فيها أوّل مرّة، بل إنّما يعرف ذلك بعد
لما قدمّت ذكره من العلّة، و إنّما يعرف من الأوّليّات بعد معرفة بأنّ بينها فرقا
بشىء أذكره، و هو أن يعتبر فى حال مقتضى البديهة. فان كان مبناها على أنّ الموجود
و المحسوس واحد. فحينئذ يفطن أنّ البديهة و هميّة غير عقليّة. فان لم يكن فى
المقدّمه الّتشكيك البتّة و كانت تستنكر طلب اللميّة فيها، و لا يشعر بوقت يجوز أن
يكون جهله و لم يكن على الّنحو الّذى ذكرنا عليه الوهميّات. فالمقدمّة أوّليّة فقد
فرغنا عن معرفة الوهميّات و المجربّات الأوّليات أيضا. و كلّ و همّى ظاهر فى الحسّ
و أوّلىّ فهر مشهور و لا ينعكس. و المجربّات قد تكون مشهورة و قد لا تكون، و يكون
منها ما هو مشهور مطلقا. مثل قولنا: «إنّ موت الأحبّة غامّ» و منه ما هو مشهور عند
صناعة مثل قولنا: «إنّ التربد يسهل البلغم الرّقيق».
و المقبولات فهى مقدّمات وقع التّصديق بهاثقة بمن هى آراؤه و ربما
صارت مشهورة.
نام کتاب : رسالة في ما تقرر عنده من الحكومة نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 98