و لا كان لعدمه سلطان، و لكن كان وجوده عن العلة الأولى الحقيقية بعد
وجود آخر انساق إليه فليس تأييسه عن «ليس» مطلقا بل عن «أيس» و إن لم يكن ماديا.
و من الناس من يجعل الإبداع لكل وجود صورى كيف كان، و أما المادى و
إن لم تكن المادة سبقت فيخص نسبته إلى العلة باسم التكوين.
و نحن لا نناقش فى هذه الأسماء ألبتة بعد أن تحصل المعانى متميزة،
فنجد بعضها له وجود عن علة دوما بلا مادة و بعضها بمادة و بعضها بواسطة و بعضها
بغير واسطة، و يحسن أن يسمى كل ما لم يوجد عن مادة سابقة غير متكون بل مبدعا، و أن
نجعل أفضل ما يسمى مبدعا ما لم يكن بواسطة عن علته الأولى مادية كانت أو فاعلية أو
غير ذلك.
و نرجع إلى ما كنا فيه فنقول:
أما الفاعل الذى يعرض له أن يكون فاعلا فلا بد له من مادة يفعل فيها،
لأن كل حادث كما علمت يحتاج إلى مادة فربما فعل دفعة، و ربما فعل بالتحريك فيكون
مبدأ الحركة؛ و إذا قال الطبيعيون للفاعل: مبدأ الحركة، عنوا به الحركات الأربع، و
تساهلوا فى هذا الموضع فجعلوا الكون و الفساد حركة. و قد يكون الفاعل بذاته فاعلا
و قد يكون بقوة، و الذى بذاته فمثل الحرارة لو كانت موجودة مجردة تفعل، و كان يصدر
عنها ما يصدر لأنها حرارة فقط، و أما الفاعل بقوة فمثل النار بحرارتها.