الفصل الأوّل من المقالة الخامسة فى الأمور العامة و كيفية وجودها
و بالحرّى أن نتكلم الآن فى الكلى و الجزئى، فإنه مناسب أيضا لما
فرغنا منه، و هو من الأعراض الخاصة بالوجود.
فنقول: إن الكلى قد يقال على وجوه ثلاثة:
فيقال كلى للمعنى من جهة أنه مقول بالفعل على كثيرين، مثل الإنسان. و
يقال كلى للمعنى إذا كان جائزا أن يحمل على كثيرين و إن لم يشترط أنهم موجودون
بالفعل، مثل معنى البيت المسبع [1]، فإنه كلى من حيث أن من طبيعته أن يقال على كثيرين، و لكن ليس يجب
أن يكون أولئك الكثيرون لا محالة موجودين بل و لا الواحد منهم.
و يقال كلى للمعنى الذى لا مانع من تصوره أن يقال على كثيرين؛ إنما
يمنع منه إن منع سبب و يدل عليه دليل، مثل الشمس و الأرض، فانهما من حيث تعقل شمسا
و أرضا لا يمنع الذهن عن أن يجوز أن معناه يوجد فى كثير، إلّا أن يأتيه دليل أو
حجة يعرف به أنّ هذا ممتنع. و يكون ذلك ممتنعا
[1] - أما البيت المسدس كبيوت النحل فمعناه كلّى مقول بالفعل على
كثيرين كالأول.