الفصل الأول من المقالة الثالثة فى الإشارة إلى ما ينبغى أن يبحث
عنه من حال المقولات التسع و فى عرضيتها
فنقول: قد بيّنا ماهية الجوهر، و بيّنا أنها مقولة على المفارق، و
على الجسم، و على المادة، و الصورة. فأما الجسم فإثباته مستغنى عنه، و أما المادة
و الصورة فقد أثبتناهما، و أما المفارق فقد أثبتناه بالقوة القريبة من الفعل، و
نحن مثبتوه من بعد.
و على أنك إن تذكرت ما قلناه فى النفس، صحّ لك وجود جوهر مفارق غير
جسم، فبالحرى أن ننتقل الآن إلى تحقيق الأعراض و إثباتها.
فنقول: أما المقولات العشر فقد تفهّمت ماهياتها فى افتتاح المنطق. ثم
لا يشك فى أن المضاف من جملتها من حيث هو مضاف أمر عارض لشئ ضرورة. و كذلك النسب
التى هى فى «أين» و «متى» و فى «الوضع» و فى «الفعل» و «الانفعال» فإنها أحوال
عارضة لأشياء هى فيها، كالموجود فى الموضوع. اللهم إلّا أن يقول قائل: إن الفعل
ليس كذلك، فإن وجود الفعل ليس فى الفاعل، بل فى المفعول. فإن قال ذلك، و سلم له،
فليس