قيل [1]:
«لم نعثر في الطّبيعيّات على تصريح بهذا المعنى فضلًا عن إثباته، نعم، في مواضع
منها ذكر الإله وبعض صفاته، وأظهرها ما ذكره في توجيه قول برمانيدس وماليسوس في
أمر مباديء الوجود من أنّ الموجود واحد غير متحرّك متناه أو غير متناه حيث قال:
«كأنّهما أشارا إلى الواجب الوجود الّذي هو بالحقيقة موجود وغير متحرّك وإنّه غير
متناهي القوّة، أو متناه بمعنى انّه غاية ينتهي إليه كلّ شيءٍ».
و التطابق بين ماصرّح به هنا ومايظهر من هذه العبارة غير ظاهر، وحمل
الطّبيعيّات على طبيعيّات [2] غير هذا الكتاب مع بعده ينافيه بعض النسخ.
اقول: الظّاهر أنّ مراده بما لاح هو طريقة الطّبيعيّين في إثبات
محرّك غير متحرّك من طريق الحركة السّماوية الدّائمة، وهذا المحرّك وإن لميظهر
صريحاً من تقدير المشهور بهذه [3] الطريقة كونه مفارقاً وواجباً أو إلهاً إلّا إنّه يستلزم ذلك، و قد
صرّح به المعلّم الأوّل في أثولوجياه حيث قال بعد بيان وجوب انتهاء المتحرّكات إلى
محرّك غير متحرّك دفعاً للتّسلسل: «فلابجوز أن يكون فيه معنى بالقوة فإنّه يحتاج
إلى شيء آخر يخرجه من القوّة إلى الفعل، وكلّ جائز وجوده ففي طبيعته [4] معنى ما بالقوة وهو الإمكان والجواز
فيحتاج إلى واجب به يجب، نعم، إثبات الواجب فيه ليس مطلوباً بذاته، بل إنّما لزم
بالعرض، إذ مطلوبيّته في نفسه يختصّ بالالهي
[5]». وهذا وجه آخر للاعتذار غير ما ذكره الشيخ.