توقّف المثبت بالإنّ على الإلهي وكونه بديهّي المقدّمات أو مأخوذاً
من غير الإلهي وهو رجوع إلى ملاحظة الأوّل أيضاً قد ظهر ما فيه.
ثمّ الأظهر أنّ منشأ توهّم الدّور هو الثّالث، إذ ظهر من الكلمات
السّابقة أنّ إثبات موضوعات مسائل العلمين ومباديها ومقدّمات براهين مسائلهما في
الإلهي، وظاهر أنّ هذا يفيد مبدأيّته لجميع مسائلهما.
ثمّ صرّح الشّيخ بأنه يتوصّل من العلمين إلى معرفة الباري والملائكة
الرّوحانية وطبقاتها، ومعرفة النّظام في ترتيب الأفلاك، وهذا كما ترى يفيد أنّ
مبدأيتهما لبعض مسائله لظهور التخصص بالذكر من دون ما يفيد العموم فيه، و على هذا
يتراءي دور منشأه الثّالث، وحينئذٍ كلّ من الأجوبة الثلاثة جواب مستقلّ وتتميمه
غير موقوف على ملاحظة غيره.
ثمّ لما ذكر الوجوه الثّلاثة أوّلا بعنوان العموم، وثانياً على وجه
الخاصّ بالمقصود أعادها ثالثا لزيادة التوضيح، فقال:
توضيح المرام
فقد اتَّضح انَّه إمَّا أن يكون ماهو 58// مبداٌ بوجهٍ مّا لهذا
العلم من المسائل الَّتي في العلومالطَّبيعيَّة، ليس بيانه من مبادٍ تتبيَّن في
هذا العلم، بل من مبادٍ بيِّنةٍ بنفسها وهذا هو الجواب
الأوّل، و إمَّا أن يكون بيانه من مبادٍ هى مسائلفي هذا العلم أعني الإلهي و لكن ليس يعود ما هو مبدأ للإلهي من المسائل الطّبيعيّة
فتصير مبادٍ لتلك المسائل الإلهيّة بعينها [1]
حتّى يلزم الدّور، بل
تصير مباديء لمسائل أخرى من الإلهى، وهي الّتي
فرضت أولّا مبدأية تلكالطّبيعيّة لها.