[كيفيّة البحث عن الامور الّتى تتعلّق بالمادّة في العلم الأعلى
و له أي لهذا العلم حدُّ العلم الإلهىِّ الّذي هو أنّه علمٌ بالأمورالمفارقة للمادَّة
في الحد أى القوام و الوجود، إذ الموجود
بما هو موجودٌ و مباديه.
أي علله وأسبابه. وقيل
المراد بها مباديه [1] العلميّة، إذ الموجود بما هو موجود ليس له المباديء بمعنى العلل
الفاعليّة أو الأعمّ؛ وهو كما ترى
و عوارضه وهي الأمور العامّة ليس شيءٌ منها كما اتَّضح إلّا متقدِّم الوجود علي المادَّة و
غير متعِّلقٍ الوجود بوجودها.
ثمّ لمّا كان هنا مظّنة سؤال- هو أنّ هذا الحدّ لايتناول بعض ما يبحث
عنه فيه كالأكوان الأربعة وغيرها من العوارض المادّية، بل مباحث المادّة والصّورة
أيضاً، إذ لاتصدق عليها المفارقة عنها ذاتاً ووجوداً- فأجاب عنه بقوله: و إن بحث في هذا العلم عمَّا لا يتقدَّم المادّة، فإنّما يبحث فيه
عن معنى ذلك المعنى غير محتاج الوجود إلى المادّة.
أي عن محمول ذلك المحمول مفارق 43// الوجود لا عن موضوع كذلك لمايأتي
وجهه؛ فالبحث عن الأمور المذكورة ليس من حيث عوارضها
[2] المادّية، بل من حيث أحوالها المفارقة كالوجود والوحدة والكثرة
والإمكان و أمثالها إذ ما من شيء إلّا وله جهة إلهيّة مجرّدة من حيث صدوره من
الوحدة الصّرفة وارتباطه بها بالرّابطة الوجوديّة والنّسبة القيّوميّة؛ فإنّ
الإنسان مع مادّيّته له صفات إلهية كالوجود