ونقلنا الآيات المتقدمة والمتعقبة لقوله تعالى كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ[2] ليتضح أن المراد بهم بحكم السياق هو أهل الكتاب أو ما يعمهم، حيث ان التفرق المذكور نظير قوله تعالى وَ مَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ[3]، كما يشير إلى ذلك أيضا بقية الآيات المتعقبة بصراحة حيث ورد نظيره فيهم في آيات أخرى ويشير إلى ذلك أيضا بدء الآيات بذكر الشرائع السابقة والأمر بعدم التفرق.
وإلى ذلك ذهب الطبري من العامّة في تفسيره حيث قال: يقول تعالى ذكره وما تفرق المشركون باللهفي أديانهم فصاروا أحزابا الا من بعد ما جاءهم العلم بأن الذي أمرهم الله به وبعث به نوحا هو اقامة الدين الحق وان لا تتفرقوا فيه.
وهذا هو الاقرب في مفاد الآية وان اختلفت أقوال المفسرين في مرجع الضمير ووحدة السياق كثيرا فلا حظ، وهو ناشيء من تفسيرهم للفظة بخصوص أصحاب الوثن.
وممن يظهر منه تفسيرها بما يعم أهل الكتاب تفسير الجلالين والبيضاوي حيث فسرا الآية بأنه عظم على المشركين ما تدعوهم اليه من التوحيد وما تفرقوا- أي الأمم السالفة والكافرون- إلا من بعد ما جاءهم