وذلك من خلال اعتمادهم في كتبهم الروائية على ذلك الراوي وعلى كتبه. فهذه الطريقة من استنباط آراء الأقدمين مألوفة ومعتمدة عند الفريقين فلا يكون الطريق مسدوداً أمام التعرّف والوقوف على آرائهم. ومن ثمّ كثر التعبير عند الرجاليين في ترجمة المفردات الرجالية بأنّ فلاناً من أعلام الطائفة وأصحاب الكتب المشهورة قد اعتمده ونقل من كتابه وروى كتابه للآخرين.

مفارقة متدافعة

إنا نجد في المسلك الرسمي لدى الرجاليين المعتمدين لمنهج التنصيص هو الأخذ بأقوال الأصول الستة الرجالية من النجاشي والكشي والشيخ والبرقي وابن الغضائري لا سيما اعتمادهم على النجاشي في الجرح أو التعديل، هذا من جانب؛ ومن جانب آخر فإنّهم لا يعتمدون على ما يعتمده الرواة من أصحاب الإجماع والأجلّاء الكبار من الرواة المعاصرين للمفردات الرجاليّة، ويعلّلون اعتمادهم على أقوال أصحاب الأصول الخمسة الرجالية بأنّها مسندة كابر عن كابر إلى المعاصرين للراوي، وإن لم يذكر أصحاب الأصول الستّة كالنجاشي والشيخ والكشي سندهم المتّصل في ذلك.

ومحصّل هذا التوجيه أنّ أقوالهم ليست حدسية ولا اجتهادية بل حسّية متّصلة مسندة خارجة عن الإرسال حقيقة وإن كانت مرسلة صورة. وذلك بملاحظة رجوع أقوال أصحاب الأصول الستّة إلى الرواة المعاصرين للمفردة الرجاليّة.

وأما وجه عدم اعتمادهم على من يعتمده أصحاب الإجماع ونظائرهم من أجلّاء الرواة وكبارهم فهو الخدشة في كون اعتمادهم اجتهادي، وإنّهم ربّما كانوا يعتمدون على أصالة العدالة وهناك فرق بين إخبارهم بوثاقة الراوي وبين