ثمّ إنّ
البيع كما تقدّم عبارة عن إنشاء تبديل عين بمال فيعتبر أن يكون المعوّض
عيناً بخلاف العوض فإنّه كما يصحّ جعله من الأعيان كذلك يصحّ أن يكون من
قبيل المنافع أو الأعمال .
حقيقة الإنشاء والإخبار
وبعد ذلك كلّه يقع الكلام في حقيقة الانشاء والفرق بينه وبين الإخبار فنقول
: إنّ الانشاء عند المشهور عبارة عن إيجاد المعنى باللفظ في قبال الإخبار
الذي هو عبارة عن حكاية نسبة سلبية أو إيجابية .
ولكنّه ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، إذ لا يوجد باللفظ شيء من الجواهر
والأعراض ولا الاعتباريات في العالم ، لأنّ الجواهر أو الأعراض يتوقّف
تحقّقها على تحقّق عللها ومبادئ وجودها ، لا أنّها توجد باللفظ وهو ظاهر ،
كما أنّ الاُمور الاعتبارية وجودها تابع لاعتبار معتبرها ، والاعتبار أمر
نفساني لا يحتاج إلى اللفظ ، فلا يكون للايجاد باللفظ معنىً محصّلاً ، فلا
يمكن أن يكون ذلك حقيقة للانشاء .
وأمّا الاستعمال أعني استعمال اللفظ في المعنى ، فإنّه أيضاً لا يختصّ
بالانشاء إذ الاستعمال عبارة عن إعمال الشيء فيما وضع له ، فلبس الثوب
استعمال له ومطالعة الكتاب استعمال للكتاب ، ومنه استعمال اللفظ فيما وضع
له من المعنى وهو متحقّق في الانشائيات والاخباريات والجملات والمفردات ،
كانت الجملة تامّة أو ناقصة ، فلا يكون شيء من ذلك حقيقة للانشاء .
فلابدّ في بيان حقيقة الانشاء والاخبار أن يقال : الانشاء هو إبراز
الاعتبار النفساني بمبرز ما ، والاخبار إبراز قصد الحكاية عن ثبوت شيء أو
نفيه ، فالفرق بينهما إنّما هو في المبرز (بالفتح) ، فإنّ المبرز في
الانشاء عبارة عن أمر لا تعلّق له ـ