البشر، و انما هو شأن خالق القوى و القدر، و ان هذا الفن قد نضب
اليوم ماؤه فصار جدالا بلا اثر، و ذهب رواؤه فعاد خلافا بلا ثمر، حتى طارت بقية
آثار السلف ادراج الرياح، و سالت باعناق مطايا تلك الاحاديث البطاح، و اما الاخذ و
الانتهاب فامر يرتاح له اللبيب، و للارض من كأس الكرام نصيب، و كيف ينهر عن
الانهار السائلون، و لمثل هذا فليعمل العاملون.
ثم ما زادتهم مدافعتي الا شغفا و غراما، و ظمأ في هواجر الطلب و
اواما، فانتصبت لشرح الكتاب على وفق مقترحهم ثانيا، و لعنان العناية نحو اختصار
الاول ثانيا، مع جمود القريحة بصر البليات، و خمود الفطنة بصر صر النكبات، و ترامى
البلدان بي و الاقطار، و نبوّ الاوطان عني و الاوطار.
حتى طفقت اجوب كل اغبر قاتم الارجاء، و احرر كل سطر منه في شطر من
الغبراء، يوما بالجزوى و يوما بالعقيق و يوما بالعذيب و يوما بالخليصاء، و لما
وفقت بعون اللّه تعالى للاتمام، و قوضت عنه خيامه بالاختتام، بعد ما كشفت عن وجوه
خرائده اللثام، و وضعت كنوز فرائده على طرف الثام، سعد الزمان و ساعد الاقبال، و
دنا المنى و اجابت الآمال، و تبسم في وجه رجائي المطالب، بان توجهت تلقاء مدين
المآرب حضرة من انام الانام في ظل الامان، و افاض عليهم سجال العدل و الاحسان، ورد
بسياسته القرار الى الاجفان، و سد بهيبته دون يأجوج الفتنة طرق العدوان، و اعاد
رميم الفضائل و الكمالات منشورا، و وقع باقلام الخطّيات على صحائف الصفائح لنصرة
الاسلام منشورا.
و هو السلطان الاعظم، مالك رقاب الامم، ملاذ سلاطين العرب و العجم،
ملجأ صناديد ملوك العالم، ظل اللّه على بريته، و خليفته في خليقته، حافظ البلاد،
ناصر العباد، ماحي ظلم الظلم و العناد، رافع منار الشريعة النبوية، ناصب رايات
العلوم الدينية، خافض جناح الرحمة لاهل الحق و اليقين، مادّ سرادق الامن بالنصر
العزيز و الفتح المبين كهف الانام ملاذ الخلائق قاطبة ظل الاله جلال الحق و الدين،
ابو المظفر السلطان محمود جاني بك خان، خلد اللّه سرادق عظمته و جلاله، و ادام
رواء نعيم