نام کتاب : علم البيان نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 84
فإن وجه الشبه في هذا التشبيه أو الجامع بين الطرفين هو الهيئة
الحاصلة من حصول أشياء مشرقة بيض في جوانب شيء مظلم أسود.
فهذه الهيئة غير موجودة في المشبه به إلا على طريق التخييل، و ذلك
أنه لما كانت البدعة و الضلالة و كل ما هو جهل يجعل صاحبها في حكم من يمشي في
الظلمة فلا يهتدي إلى الطريق و لا يفصل الشيء من غيره- شبهت بالظلمة، و لزم على
عكس ذلك أن تشبّه السنة و الهدى و كلّ ما هو علم بالنور.
و أصل ذلك قوله تعالى:يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ،*و شاع ذلك حتى وصف الصنف الأول
بالسواد، كما في قول القائل:
«شاهدتسواد الكفر من جبين فلان»، و حتى
وصف الصنف الثاني بالبياض، كما في قول النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «أتيتكمبالحنيفية البيضاء»؛ و ذلك لتخيل
أن السنن و نحوها من الجنس الذي هو إشراق أو ابيضاض في العين، و أن البدعة و نحوها
على خلاف ذلك.
و لهذا صار تشبيه النجوم بين الدجى بالسنن بين البدع، كتشبيه النجوم
في الظلام ببياض الشيب في سواد الشباب، أو بالأزهار مؤتلقة بين النبات الشديد
الخضرة. فالتأويل فيه أنه تخيّل ما لا لون له ذا لون.