نام کتاب : شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب نویسنده : ابن هشام الأنصاري جلد : 1 صفحه : 93
فالجواب عنه أن (من) موصولة لا أنها شرطية[1]،و سكون الراء من (يصبر):
إما لتوالي حركات الباء و الراء و الفاء و الهمزة تخفيفا، أو لأنه وصل بنية الوقف،
أو على العطف على المعنى، لأن «من» الموصولة
بمنزلة الشرطية لعمومها و إبهامها.
[الإعراب التقديري ثلاثة أنواع:]
ثم قلت: فصل- تقدّر الحركات كلّها في نحو «غلامي» و
نحو «الفتى» و يسمّى مقصورا، و الضمة
و الكسرة في نحو «القاضي» و يسمّى منقوصا، و الضمّة
و الفتحة في نحو «يخشى» و الضمّة في نحو «يدعو» و «يرمى».
و أقول: الذي تقدر فيه الحركات
فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلي
و إلّا فأدركني و لمّا
أمزّق
[2]ثلاثة أنواع: ما تقدر فيه
الحركات الثلاث، و ما تقدر فيه حركتان، و ما تقدر فيه واحدة.
[1]حاصل الكلام في هذه الآية الكريمة أن من
النحاة من ذكر أن «من» في قوله سبحانهإِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ
وَ يَصْبِرْشرطية
تجزم فعلين الأول فعل الشرط و الثاني جوابه و جزاؤه، فقيل لهم: إذا كانت من شرطية
فلماذا لم تجزم (يتقي) مع أنه فعل الشرط، و لو أنها جزمته لحذفت الياء لأن الفعل
المضارع المعتل الآخر يجزم بحذف حرف العلة؟ و أجاب المحققون من النحاة القائلون
بأن (من) شرطية بجوابين، أولهما: أن (يتقي) مجزوم، و علامة جزمه السكون، كالفعل
الصحيح الآخر تماما، و قد اختار ابن مالك هذا الجواب و حكى أن من العرب من يثبت
أحرف العلة الثلاثة الألف و الواو و الياء في الفعل المضارع المعتل المجزوم و على
لغتهم يكون الجزم بالسكون معاملة للمعتل بمعاملة الصحيح، و الجواب الثاني: أن
(يتقي) مجزوم بحذف الياء كما هي لغة جمهور العرب، و هذه الياء ليست لام الكلمة
التي حذفها الجازم، بل هي ياء ناشئة عن إشباع كسرة القاف.
و من العلماء من زعم أن (من) ليست شرطية جازمة، بل هي اسم موصول، و
عليه يكون (يتقي) مرفوعا بضمة مقدرة على الياء، فاعترض على هؤلاء بأن (يصبر) معطوف
عليه و هو مجزوم، فكيف يعطف المجزوم على المرفوع؟ و قد أجاب هؤلاء بثلاثة أجوبة،
الأول: أن سكون الراء في (يصبر) ليس للجزم، بل هو لتوالي أربع متحركات و العرب
تستثقل تواليها فهو مرفوع لأنه معطوف على مرفوع و علامة رفعه ضمة مقدرة على آخره
منع من ظهورها استثقال توالي أربع متحركات، و الجواب الثاني: أن القارئ وقف على
(يصبر) بالسكون، ثم وصل بنية الوقف، و الجواب الثالث: أنه عطف على المعنى، أي أنه
عامل (من) الموصولة معاملة الشرطية لشبهها بها في العموم و الإبهام.
[2]لم يذكر المؤلف أن السكون قد يقدر أيضا، و
عذره أن الأسباب التي تقتضي تقدير السكون طارئة عارضة، و ليست من جوهر اللفظ، و
أشهر هذه الأسباب اثنان: أولهما التقاء الساكنين نحو قوله تعالى:لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ
كَفَرُوابكسر
نون (يكن) للتخلص من التقاء الساكنين، و الثاني الرويّ، نحو قول الممزق:
فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلي
و إلّا فأدركني و لمّا أمزّق
بكسر قاف (أمزق) لأن الشاعر قد بنى القصيدة على كسر الحرف الأخير.
نام کتاب : شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب نویسنده : ابن هشام الأنصاري جلد : 1 صفحه : 93