بخلاف نحو: وَ
آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
[يونس، 10]؛ فإن المتقدم عليها غير جملة؛ و بخلاف نحو: ما
قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ
[المائدة، 118] فليست «أن» فيها مفسرة لقلت، بل لأمرتني، و بخلاف نحو:
«كتبت إليه بأن أفعل».
و مثال ما انتفى عنه الشرط
الثاني قوله تعالى: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى
[المزمل، 20] أَ فَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا
[طه، 89] وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ
[المائدة، 71] فيمن قرأ برفع (تكون) ألا ترى أنها في الآيتين الأوليين وقعت بعد
فعل العلم؛ أما في الآية الأولى فواضح، و أما في الآية الثانية فلأن مرادنا بالعلم
ليس لفظ ع ل م، بل ما دلّ على التحقيق؛ فهي فيهما مخففة من الثقيلة، و اسمها
محذوف، و الجملة بعدها في موضع رفع على الخبرية، و التقدير: علم أنه سيكون، أ فلا
يرون أنه لا يرجع إليهم قولا، و في الآية الثالثة وقعت بعد الظن؛ لأن الحسبان ظنّ،
و قد اختلف القراء فيها؛ فمنهم من قرأ بالرفع، و ذلك على إجراء الظن مجرى العلم،
فتكون مخففة من الثقيلة، و اسمها محذوف، و الجملة بعدها خبرها، و التقدير: و حسبوا
أنّها لا تكون فتنة، و منهم من قرأ بالنصب على إجراء الظن على أصله و عدم تنزله
منزلة العلم، و هو الأرجح، فلهذا أجمعوا على النصب في نحو: أَمْ
حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ [البقرة، 214]
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا [التوبة، 16]
أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا [العنكبوت، 2]
تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ [القيامة، 25] و يؤيد القراءة
الأولى أيضا قوله تعالى: أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ
عِظامَهُ [القيامة، 3] أَ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ
يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ [البلد، 5]
أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ [البلد، 7] ألا ترى أنها فيهن
مخففة من الثقيلة، إذ لا يدخل الناصب على ناصب آخر، و لا على جازم.
ثم قلت: و تضمر «أن» بعد ثلاثة
من حروف الجرّ، و هي: كي، نحو: كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً
و حتّى: إن كان الفعل مستقبلا بالنظر إلى ما قبلها نحو:
حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى و «أسلمت حتى أدخل الجنة»، و
اللام: تعليليّة مع المضارع
نام کتاب : شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب نویسنده : ابن هشام الأنصاري جلد : 1 صفحه : 314