نام کتاب : شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب نویسنده : ابن هشام الأنصاري جلد : 1 صفحه : 309
ثم قلت: و المضارع بعد ناصب، و هو «لن» أو
«كي» المصدريّة مطلقا و «إذن» إن صدّرت و كان الفعل مستقبلا متّصلا أو منفصلا بالقسم أو بلا، أو
بعد «أن» المصدريّة نحو:وَ الَّذِي أَطْمَعُ
أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِيإن لم تسبق بعلم، نحو:عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضىفإن سبقت بظن فوجهان نحو:وَ حَسِبُوا أَلَّا
تَكُونَ فِتْنَةٌ.
[النوع الخامس عشر: الفعل المضارع إذا سبقه ناصب من أربعة]
و أقول: هذا النوع المكمل للمنصوبات الخمسة عشر، و هو الفعل
المضارع التالي ناصبا، و النواصب أربعة: لن، و كي، و إذن، و أن.
[الأول: لن، و هو حرف بالإجماع]
فأما «لن» فإنها حرف بالإجماع، و هي
بسيطة خلافا للخليل في زعمه أنها مركبة من «لا» النافية
و «أن» الناصبة، و ليست نونها
مبدلة من ألف خلافا للفراء في زعمه أن أصلها «لا»[1]و هي دالة على نفي المستقبل، و عاملة النصب دائما، بخلاف غيرها من
الثلاثة؛ فلهذا قدمتها عليها في الذكر؛ قال اللّه عز و جل:لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ
عاكِفِينَ [طه،
91]فَلَنْ
أَبْرَحَ الْأَرْضَ [يوسف،
80]أَ
يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ [البلد، 5]أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ [القيامة، 3] و «أن» في هاتين الآيتين مخففة من الثقيلة، و أصلها أنّه، و ليست الناصبة؛
لأن الناصب لا يدخل على الناصب.
[الثاني: كي المصدرية، و بيان موضع تعينها للمصدرية، و موضع تعينها
للتعليلية، و الموضع الذي يجوز فيه الأمران]
و أما «كي» فشرطها
أن تكون مصدرية لا تعليلية.
و يتعين ذلك في نحو قوله تعالى:لِكَيْ لا يَكُونَ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ
[1]رد العلماء مذهب الفراء بوجهين: أحدهما أن «لن» حرف عامل؛ فإنه ينصب المضارع و يختص به، و «لا» حرف
مهمل و لا يعمل شيئا، و يدخل على الاسم و الفعل؛ فلو كانت «لن» أصلها
«لا» لبقي لها ما كانت عليه من
الإهمال و عدم الاختصاص؛ لأن إبدال حرف من حروف الكلمة بغيره لا يقلب وضعها و لا
يغير حالها؛ فلما وجدنا هذا الفرق بينهما علمنا أنهما أصلان مختلفان، و ليس أحدهما
أصلا لصاحبه، و اشتراكهما في المعنى العام- و هو النفي- لا يفيد شيئا؛ فإن حروف
النفي كثيرة و ليس أحدها فرعا عن الآخر، الوجه الثاني: أن دعوى الفراء تتضمن قلب
أوضاع العربية و مخالفة أصولها المتلئبة؛ و ذلك لأنه يدعى أن ألف «لا» قد انقلبت نونا فصارت الكلمة «لن» و
المعهود في العربية هو انقلاب النون ألفا، بعكس ما ذهب إليه الفراء، ألا ترى أن
التنوين في النصب في نحو «رأيتزيدا» تقلب عند الوقف ألفا، و نون التوكيد الخفيفة في نحو قوله
تعالى:
لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ [العلق، 15]- تنقلب كذلك ألفا عند الوقف، و ليس لنا في العربية ألف
تنقلب نونا في سوى هذه الكلمة على دعوى الفراء حتى نحمل هذه الكلمة عليها أو
نستأنس لهذا المذهب بها.
نام کتاب : شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب نویسنده : ابن هشام الأنصاري جلد : 1 صفحه : 309