responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب نویسنده : ابن هشام الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 204

و من النوع الأول- أعني المؤنث الظاهر المجازيّ التأنيث- أن يكون الفاعل‌


- الفعل المسند إلى جمع مذكر سالم؛ و بين البصريين جميعا و الكوفيين- و معهم أبو علي الفارسي- في الفعل المسند إلى جمع المؤنث السالم.

و قد استدل جمهور الكوفيين و أبو علي الفارسي على جواز التذكير و التأنيث في الفعل المسند لجمع المؤنث السالم بقوله تعالى: إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ‌ [سورة الممتحنة، 12]؛ فقد جي‌ء بالفعل في هذه الآية الكريمة- و هو «جاءك»- من غير علامة تأنيث، مع أن فاعله- و هو «المؤمنات»- جمع مؤنث سالم، فدل على أنه يجوز خلو الفعل المسند إلى جمع المؤنث السالم من علامة التأنيث- و هذا الوجه هو موضع النزاع بينهم و بين البصريين- و لا حاجة بالكوفيين و الفارسي إلى الاستدلال على التأنيث، لأنه محل اتفاق في هذا المثال و نحوه. و أجاب البصريون على استدلال الكوفيين و أبي علي بهذه الآية بثلاثة أجوبة أشار المؤلف إلى جميعها.

أما الجواب الأول: فإنا لا نسلم لكم أن السبب في تذكير الفعل هو كون الفاعل جمع مؤنث سالما، بل السبب في تذكير الفعل هو الفصل بين الفعل و الفاعل بالمفعول الذي هو ضمير المخاطب، و أنت تعلم أنه إذا فصل بين الفعل و الفاعل المؤنث الحقيقي التأنيث فاصل أي فاصل جاز في الفعل التأنيث و عدمه، تقول:

زارتني اليوم هند، و زارني اليوم هند.

و أما الجواب الثاني: فإنا لا نسلم أن الفاعل في هذه الآية الكريمة هو «المؤمنات» الذي هو جمع مؤنث سالم، بل الفاعل «أل» الموصولة التي بمعنى اللاتي، و اللاتي ليس جمعا، بل هو اسم جمع؛ فيكون الفاعل في الآية الكريمة- عند التحقيق- اسم جمع، و اسم الجمع يجوز في فعله التأنيث و عدمه بالإجماع.

و أما الجواب الثالث: فإنا لا نسلم أن الفاعل هو «المؤمنات» الذي هو جمع مؤنث سالم، بل المؤمنات صفة لموصوف محذوف، و هذا الموصوف المحذوف هو الفاعل حقيقة، و أصل الكلام: إذا جاءك النساء المؤمنات، و الموصوف المحذوف الذي قدرناه بالنساء اسم جمع، لا جمع مؤنث سالم، فحذف التاء سببه أن الفاعل اسم جمع، و نحن لا نخالفكم في جواز حذف التاء إذا كان الفاعل اسم جمع.

و مما استدل به الكوفيون و أبو علي الفارسي على تجويز خلو الفعل المسند إلى جمع مؤنث سالم من علامة التأنيث قول عبدة بن الطبيب من قصيدة رواها المفضل الضبي في المفضليات:

 

فبكى بناتي شجوهنّ و زوجتي‌

و الظّاعنون إليّ، ثمّ تصدّعوا

حيث أتى بالفعل- و هو «بكى» مجردا من تاء التأنيث، مع كون فاعله جمع مؤنث سالما- و هو «بناتي».

و أجاب البصريون عن الاستدلال بهذا البيت بأن الفاعل- و إن كان جمع مؤنث سالما- قد أشبه جمع التكسير، بسبب أن مفرده- و هو بنت- لم يوجد بتمامه في لفظ الجمع، و الأصل في جمع المؤنث السالم أن تسلم فيه صيغة واحدة، و من أجل ذلك سموه سالما؛ فلما أشبه هذا اللفظ جمع التكسير أخذ حكمه، و هو جواز الوجهين في الفعل المسند إليه، و إذا جاز في هذا اللفظ الوجهان لهذه العلة لم يلزم جواز الوجهين في كل فعل يسند إلى جمع مؤنث سالم حيث لا توجد هذه العلة.-

نام کتاب : شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب نویسنده : ابن هشام الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست