نام کتاب : شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب نویسنده : ابن هشام الأنصاري جلد : 1 صفحه : 128
فاستعملها في غير النداء؛ فضرورة شاذة، و يحتمل أن التقدير: قعيدته
يقال لها:
يا لكاع؛ فيكون جاريا على القياس.
و يجوز قياسا مطردا صوغ فعال هذا و فعال السّابق- و هو الدال على
الأمر- مما اجتمع فيه ثلاثة شروط، و هي: أن يكون فعلا، ثلاثيّا، تامّا؛ فيبنى من
نزل نزال، و من ذهب ذهاب، و من كتب كتاب، بمعنى انزل و اذهب و اكتب، و يقال من فسق
و فجر و زنا و سرق: يا فساق، و يا فجار، و يا زناء، و يا سراق، بمعنى يا فاسقة، يا
فاجرة، يا زانية، يا سارقة.
و لا يجوز بناء شيء منها من نحو اللصوصيّة؛ لأنها لا فعل لها، و
لا من نحو دحرج و استخرج و انطلق؛ لأنها زائدة على الثلاثة، و لا من نحو كان و ظل
و بات و صار؛ لأنها ناقصة لا تامة.
و لم يقع في التنزيل فعال أمرا إلا في قراءة الحسن «لامساس» [طه، 97] بفتح
الميم و كسر السين، و هو في دخول «لا» على
اسم الفعل بمنزلة قولهم للعاثر إذا دعوا عليه بأن لا ينتعش- أي لا يرتفع- «لالعا»، و في معاني القرآن
العظيم للفراء: و من العرب من يقول: لا مساس، يذهب به إلى مذهب دراك و نزال، و في
كتاب «ليسلابن خالويه»: لا مساس
مثل دراك و نزال، و هذا من غرائب اللغة[1]،و حمله «لكاع» في الواقع منادى بحرف
نداء محذوف، و هذا المنادى مع الحرف المحذوف مفعول للخبر المحذوف، و تقدير الكلام:
قعيدته مقول لها: يا لكاع؛ فهو من باب حذف العامل و إبقاء المعمول، و له نظائر
كثيرة، و ذلك كخبر المبتدأ المحذوف وجوبا إذا كان المبتدأ قد وقع بعده حال لا يصح
أن يكون خبرا، نحو «ضربيالعبد مسيئا».
[1]اسم الإشارة في قوله «وهذا من غرائب اللغة» يعود إلى ما ذكره عن الفراء و ابن خالويه، و
وجه غرابته أن «لا» النافية دخلت على اسم
الفعل، مع أن اسم الفعل في المشهور من الاستعمال العربي لا يجوز أن يدخل عليه عامل
يؤثر فيه، و ذكر العلامة اللقاني أن وجه غرابة هذا الذي نقله المؤلف عن الفراء و
ابن خالويه أنهما جعلا «لا» النافية
مع ما بعدها اسما واحدا؛ فزعم أنه ركب «لا» مع
«مساس» ثم أراد منه الإثبات، مع
أن الأصل في العربية أن «لا» إذا
دخلت على اسم صيرته منفيّا، و ههنا صارت هي و الاسم بمعنى الإثبات، و من هنا تفهم
أن اللقاني رحمه اللّه تعالى- يرى أن معنى قوله «لامساس» امسسني، بخلاف المعنى على ما ذكرناه أولا؛ فإن المعنى عليه
لا تمسسني، و هذا هو الموافق للقراءة المشهورة (لا مساس).
نام کتاب : شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب نویسنده : ابن هشام الأنصاري جلد : 1 صفحه : 128