نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 46
فيه و من صفته، بان بذلك أنّ الأمر على ما قلناه، من أن اللّفظ تبع
للمعنى في النظم، و أنّ الكلم تترتّب في النطق بسبب ترتّب معانيها في النفس، و
أنها لو خلت من معانيها حتى تتجرّد أصواتا و أصداء حروف، لما وقع في ضمير و لا هجس
في خاطر، أن يجب فيها ترتيب و نظم، و أن يجعل لها أمكنة و منازل، و أن يجب النطق
بهذه قبل النطق بتلك. و اللّه الموفّق للصواب.
فصل: منه في شبهة الذين حصروا
الفصاحة في صفة اللفظ
و هذه شبهة أخرى ضعيفة، عسى أن يتعلّق
بها متعلّق ممن يقدم على القول من غير رويّة: و هي أن يدّعي أن لا معنى للفصاحة
سوى التلاؤم اللفظيّ، و تعديل مزاج الحروف حتى لا يتلاقى في النطق حروف تثقل على
اللسان، كالذي أنشده الجاحظ من قول الشاعر: [من السريع]
و قبر حرب بمكان قفر
و ليس قرب قبر حرب قبر
و قول ابن يسير: [من الخفيف]
لا أذيل الآمال بعدك إنّي
بعدها بالآمال جدّ بخيل
كم لها موقفا بباب صديق
رجعت من نداه بالتعطيل
لم يضرها و الحمد للّه، شيء
و انثنت نحو عزف نفس ذهول
قال الجاحظ: «فتفقّد النصف الأخير
من هذا البيت، فإنّك ستجد بعض ألفاظه يتبّرأ من بعض» و يزعم أن الكلام في ذلك على
طبقات، فمنه المتناهي في الثّقل المفرط فيه، كالذي مضى، و منه ما هو أخفّ منه كقول
أبي تمام: [من الطويل]
كريم متى أمدحه أمدحه و الورى
جميعا، و مهما لمته لمته «وحدي»
[1] لا يعرف قائله، و قيل: إنه من أشعار الجن، و هو من الأبيات
الدائرة في كتب البلاغة انظر البيان و التبيين (1/ 65)، و معاهد التنصيص: (1/ 34)
..
[2] هو محمد بن يسير الرياشي. شاعر مقلّ. البيان و التبيين (1/
65).
[3] في البيان و التبيين (1/ 65- 66)، «عزف» مصدر «و رجل عزوف عن
اللهو إذا لم يشتهه»، و عزفت نفسي عن الشيء: تركته بعد إعجابها. الذهول: من
الذّهل و هو تركك الشيء تناساه على عمد. اللسان (عزف) (ذهل).
[4] البيت في ديوانه و أورده الفخر الرازي في نهاية الإيجاز (ص
123)، و عزاه لأبي تمام و جاء البيت برواية: كريم متى ......... جميعا و مهما لمته
لمته وحدي.
و في الإيضاح (ص 6)، و التبيان
للطيبي (2/ 496)، بتحقيقنا.
نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 46