نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 42
و لم تر قولا يضطرب على قائله حتى لا يدري كيف يعبّر، و كيف يورد و
يصدر، كهذا القول. بل إن أردت الحقّ، فإنه من جنس الشيء يجري به الرجل لسانه و
يطلقه، فإذا فتّش نفسه، وجدها تعلم بطلانه، و تنطوي على خلافه، ذاك لأنه مما لا
يقوم بالحقيقة في اعتقاد، و لا يكون له صورة في فؤاد.
فصل و مما يجب إحكامه بعقب هذا
الفصل، الفرق بين قولنا: «حروف منظومة»، و «كلم منظومة».
و ذلك أن نظم الحروف هو تواليها في
النطق، و ليس نظمها بمقتضى عن معنى، و لا الناظم لها بمقتف في ذلك رسما من العقل
اقتضى أن يتحرّى في نظمه لها ما تحرّاه. فلو أنّ واضع اللغة كان قد قال: «ربض»
مكان «ضرب»، لما كان في ذلك ما يؤدّي إلى فساد.
و أمّا «نظم الكلم» فليس الأمر فيه
كذلك، لأنك تقتفي في نظمها آثار المعاني، و ترتّبها على حسب ترتّب المعاني في
النفس. فهو إذن نظم يعتبر فيه حال المنظوم بعضه مع بعض، و ليس هو «النّظم» الذي
معناه ضمّ الشيء إلى الشيء كيف جاء و اتّفق. و لذلك كان عندهم نظيرا للنّسج و
التأليف و الصّياغة و البناء و الوشي و التّحبير و ما أشبه ذلك، ممّا يوجب اعتبار
الأجزاء بعضها مع بعض، حتى يكون لوضع كلّ حيث وضع، علّة تقتضي كونه هناك، و حتى لو
وضع في مكان غيره لم يصلح.
و الفائدة في معرفة هذا الفرق: أنك
إذا عرفته عرفت أن ليس الغرض بنظم الكلم، أن توالت ألفاظها في النطق، بل أن تناسقت
دلالتها و تلاقت معانيها، على الوجه الذي اقتضاه العقل. و كيف يتصوّر أن يقصد به
إلى توالي الألفاظ في النطق، بعد أن ثبت أنه نظم يعتبر فيه حال المنظوم بعضه مع
بعض، و أنّه نظير الصياغة و التّحبير و التّفويف و النقش، و كل ما يقصد به
التصوير، و بعد أن كنّا لا نشك
[2] هو مأخوذ من التحبير و حسن الخط و المنطق و تحبير الخط و الشعر
بتحسينه. اه اللسان/ حبر/ (4/ 157).
[3] الفوف: ضرب من برود اليمن. و قال ابن الأعرابي: الفوف ثياب
رقاق من ثياب اليمن موشاة و هو الفوف بضم الفاء و برد مفوف برد رقيق. اه اللسان/
فوف/ (9/ 274).
نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 42