نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 233
فصل [في الحكاية و النظم و الترتيب]
اعلم أنه لا يصلح تقدير الحكاية في
«النّظم و الترتيب»، بل لن تعدو الحكاية الألفاظ و أجراس الحروف، و ذاك أنّ الحاكي
هو من يأتي بمثل ما أتى به المحكيّ عنه، و لا بدّ من أن تكون حكايته فعلا له، و أن
يكون بها عاملا عملا مثل عمل المحكيّ عنه، نحو أن يصوغ إنسان خاتما فيبدع فيه
صنعة، و يأتي في صناعته بخاصّة تستغرب، فيعمد واحد فيعمل خاتما على تلك الصورة و
الهيئة، و يجيء بمثل صنعته فيه، و يؤدّيها كما هي، فيقال عند ذلك: «إنه قد حكى
عمل فلان، و صنعة فلان».
و «النظم و الترتيب» في الكلام كما
بينّا، عمل يعمله مؤلّف الكلام في معاني الكلم لا في ألفاظها، و هو بما يصنع في
سبيل من يأخذ الأصباغ المختلفة فيتوخّى فيها ترتيبا يحدث عنه ضروب من النقش و
الوشي. و إذا كان الأمر كذلك، فإنّا إن تعدّينا بالحكاية الألفاظ إلى النظم و
الترتيب، أدّى ذلك إلى المحال، و هو أن يكون المنشد شعر امرئ القيس، قد عمل في
المعاني و ترتيبها و استخراج النّتائج و الفوائد، مثل عمل امرئ القيس، و أن يكون
حاله إذا أنشد قوله: [من الطويل]
فقلت له، لمّا تمطّى بصلبه
و أردف أعجازا و ناء بكلكل
حال الصائغ ينظر إلى صورة قد عملها
صائغ من ذهب له أو فضّة، فيجيء بمثلها من ذهبه و فضّته. و ذلك يخرج بمرتكب، إن
ارتكبه، إلى أن يكون الرّاوي مستحقّا لأن يوصف بأنه: «استعار» و «شبّه»، و أن يجعل
كالشاعر في كلّ ما يكون به ناظما، فيقال: إنه جعل هذا فاعلا، و ذاك مفعولا، و هذا
مبتدأ، و ذاك خبرا، و جعل هذا حالا، و ذاك صفة، و أن يقال: «نفى كذا» و «أثبت
كذا»، و «أبدل كذا من كذا».
و «أضاف كذا إلى كذا»، و على هذا
السّبيل، كما يقال ذاك في الشاعر. و إذا قيل ذلك، لزم منه أن يقال فيه: «صدق، و
كذب»، كما قال في المحكيّ عنه، و كفى بهذا بعدا و إحالة. و يجمع هذا كلّه، أنه
يلزم منه أن يقال: «إنّه قال شعرا»، كما يقال فيمن حكى صنعة الصائغ في خاتم قد
عمله: «إنه قد صاغ خاتما».
[1] البيت لامرئ القيس في معلقته المشهورة في ديوانه
[117] ، و
قبله:
ألا رب خصم فيك ألوى رددته
نصيح على تعذاله غير مؤتل
و ليل كموج البحر أرخى سدوله
عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 233