نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 214
للسائل ظنّ في المسئول عنه على خلاف ما أنت تجيبه به. فأمّا أن يجعل
مجرّد الجواب أصلا فيه فلا، لأنه يؤدي إلى أن لا يستقيم لنا إذا قال الرجل: «كيف
زيد؟» أن تقول: «صالح»، و إذا قال: «أين هو؟» أن تقول: «في الدار»- و أن لا يصح
حتّى تقول: «إنه صالح»، «إنّه في الدار»، و ذلك ما لا يقوله أحد.
و أمّا جعلها إذا جمع بينها و بين
«اللام» نحو: «إنّ عبد اللّه لقائم»- للكلام مع المنكر، فجيّد، لأنه إذا كان الكلام
مع المنكر، كانت الحاجة إلى التأكيد أشدّ.
و ذلك أنك أحوج ما تكون إلى
الزيادة في تثبيت خبرك، إذا كان هناك من يدفعه و ينكر صحّته، إلّا أنه ينبغي أن
يعلم أنه كما يكون للإنكار قد كان من السامع، فإنه يكون للإنكار يعلم أو يرى أنه
يكون من السامعين. و جملة الأمر أنك لا تقول: «إنه لكذلك»، حتى تريد أن تضع كلامك
وضع من يزع فيه عن الإنكار.
و اعلم أنها قد تدخل للدلالة على
أن الظّن قد كان منك أيّها المتكلم في الذي كان أنّه لا يكون. و ذلك قولك للشيء
هو بمرأى من المخاطب و مسمع: «إنّه كان من الأمر ما ترى، و كان منّي إلى فلان
إحسان و معروف، ثمّ أنّه جعل جزائي ما رأيت»، فتجعلك كأنك تردّ على نفسك ظنّك الذي
ظننت، و تبيّن الخطأ الذي توهمت.
و على ذلك، و اللّه أعلم، قوله
تعالى حكاية عن أمّ مريم رضي اللّه عنها: قالَتْ رَبِّ إِنِّي
وَضَعْتُها أُنْثى وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ [آل
عمران: 36]، و كذلك قوله عز و جل حكاية عن نوح عليه السلام: قالَ
رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ [الشعراء: 117]. و ليس الذي يعرض
بسبب هذا الحرف من الدقائق و الأمور الخفيّة، بالشيء يدرك بالهوينا.
و نحن نقتصر الآن على ما ذكرنا، و
نأخذ في القول عليها إذا اتّصلت بها «ما».
فصل في مسائل «إنّما»
قال الشيخ أبو علي في
«الشّيرازيّات»: «يقول ناس من النحويين في نحو قوله تعالى: قُلْ
إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ
[الأعراف: 33]،